الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 347 ] نقا

                                                          نقا : النقاوة : أفضل ما انتقيت من الشيء . نقي الشيء بالكسر ينقى نقاوة ، بالفتح ، ونقاء فهو نقي أي نظيف ، والجمع نقاء ونقواء ، الأخيرة نادرة . وأنقاه وتنقاه وانتقاه : اختاره . ونقوة الشيء ونقاوته ونقاوته ونقايته ونقاته : خياره يكون ذلك في كل شيء . الجوهري : نقاوة الشيء خياره ، وكذلك النقاية ، بالضم فيهما ، كأنه بني على ضده ، وهو النفاية ، لأن فعالة تأتي كثيرا فيما يسقط من فضلة الشيء . قال اللحياني : وجمع النقاوة نقا ونقاء ، وجمع النقاية نقايا ونقاء وقد تنقاه وانتقاه وانتاقه ، الأخير مقلوب ؛ قال :

                                                          مثل القياس انتاقها المنقي

                                                          وقال بعضهم : هو من النيقة . والتنقية : التنظيف . والانتقاء : الاختيار . والتنقي : التخير . وفي الحديث : تنقه وتوقه ، قال ابن الأثير : رواه الطبراني بالنون ، وقال : معناه تخير الصديق ثم احذره ، وقال غيره : تبقه ، بالباء ، أي أبق المال ولا تسرف في الإنفاق وتوق في الاكتساب . ويقال : تبق بمعنى استبق كالتقصي بمعنى الاستقصاء . ونقاة الطعام : ما ألقي منه ، وقيل : هو ما يسقط منه من قماشه وترابه ؛ عن اللحياني قال : وقد يقال : النقاة ، بالضم ، وهي قليلة وقيل : نقاته ونقايته ونقايته رديئه ؛ عن ثعلب ، قال ابن سيده : والأعرف في ذلك نقاته ونقايته . اللحياني : أخذت نقايته ونقاوته أي أفضله . الجوهري : وقال بعضهم نقاة كل شيء رديئه ما خلا التمر فإن نقاته خياره ، وجمع النقاوة نقاوى ونقاء ، وجمع النقاية نقايا ونقاء ممدود . والنقاوة : مصدر الشيء النقي . يقال : نقي ينقى نقاوة وأنا أنقيته إنقاء ، والانتقاء تجوده . وانتقيت الشيء إذا أخذت خياره . الأموي : النقاة ما يلقى من الطعام إذا نقي ورمي به ، قال : سمعته من ابن قطري ، والنقاوة خياره . وقال أبو زياد : النقاة والنقاية الرديء ، والنقاوة الجيد . الليث : النقاء ممدود مصدر النقي ، والنقا مقصور من كثبان الرمل ، والنقاء ممدود النظافة ، والنقا مقصور الكثيب من الرمل ، والنقا من الرمل : القطعة تنقاد محدودبة ، والتثنية نقوان ونقيان ، والجمع أنقاء ونقي ، قال أبو نخيلة :


                                                          واستردفت من عالج نقيا



                                                          وفي الحديث : خلق الله جؤجؤ آدم من نقا ضرية أي من رملها ، وضرية : موضع معروف نسب إلى ضرية بنت ربيعة بن نزار ، وقيل : هو اسم بئر . والنقو والنقا : عظم العضد ، وقيل : كل عظم فيه مخ والجمع أنقاء . والنقو : كل عظم من قصب اليدين والرجلين نقو على حياله . الأصمعي : الأنقاء كل عظم فيه مخ وهي القصب ، قيل في واحدها نقي ونقو . ورجل أنقى وامرأة نقواء : دقيقا القصب ، وفي التهذيب : رجل أنقى دقيق عظم اليدين والرجلين والفخذ ، وامرأة نقواء . وفخذ نقواء : دقيقة القصب نحيفة الجسم قليلة اللحم في طول . والنقو ، بالكسر ، في قول الفراء : كل عظم ذي مخ ، والجمع أنقاء . أبو سعيد : نقة المال : خياره . ويقال : أخدت نقتي من المال أي ما أعجبني منه وآنقني . قال أبو منصور : نقة المال في الأصل نقوة ، وهو ما انتقي منه وليس من الأنق في شيء ، وقالوا : ثقة نقة فأتبعوا كأنهم حذفوا واو نقوة ، حكى ذلك ابن الأعرابي : والنقاوى : ضرب من الحمض ، قال الحذلمي :


                                                          حتى شتت مثل الأشاء الجون     إلى نقاوى أمعز الدفين



                                                          وقال أبو حنيفة : النقاوى تخرج عيدانا سلبة ليس فيها ورق ، وإذا يبست ابيضت ، والناس يغسلون بها الثياب فتتركها بيضاء بياضا شديدا واحدتها نقاواة . ابن الأعرابي : هو أحمر كالنكعة وهي ثمرة النقاوى ، وهو نبت أحمر ؛ وأنشد :


                                                          إليكم لا تكون لكم خلاة     ولا نكع النقاوى إذ أحالا



                                                          وقال ثعلب : النقاوى ضرب من النبت ، وجمعه نقاويات ، والواحدة نقاواة ونقاوى . والنقاوى : نبت بعينه له زهر أحمر . ويقال للحلكة وهي دويبة تسكن الرمل كأنها سمكة ملساء فيها بياض وحمرة : شحمة النقا ، ويقال لها : بنات النقا ، قال ذو الرمة وشبه بنان العذارى بها :

                                                          بنات النقا تخفى مرارا وتظهر

                                                          وفي حديث أم زرع : ودائس ومنق ، قال ابن الأثير : هو بفتح النون الذي ينقي الطعام أي يخرجه من قشره وتبنه ، وروي بالكسر ، والفتح أشبه لاقترانه بالدائس ، وهم مختصان بالطعام . والنقي : مخ العظام وشحمها وشحم العين من السمن . والجمع أنقاء والأنقاء أيضا من العظام ذوات المخ واحدها نقي ونقى . ونقى العظم نقيا : استخرج نقيه . وانتقيت العظم إذا استخرجت نقيه أي مخه ؛ وأنشد ابن بري :

                                                          ولا يسرق الكلب السروق نعالنا ولا ننتقي المخ الذي في الجماجم

                                                          وفي حديث أم زرع : لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقى ، أي ليس له نقي فيستخرج ، والنقي : المخ ، ويروى : فينتقل ، باللام . وفي الحديث : لا تجزئ في الأضاحي الكسير التي لا تنقي . أي التي لا مخ لها لضعفها وهزالها . وفي حديث أبي وائل : فغبط منها شاة فإذا هي لا تنقي ، وفي ترجمة حلب :

                                                          يبيت الندى ، يا أم عمرو ، ضجيعه ، إذا لم يكن في المنقيات حلوب

                                                          المنقيات : ذوات الشحم . والنقي : الشحم . يقال : ناقة منقية إذا كانت سمينة . وفي حديث عمرو بن العاص يصف عمر ، رضي الله عنه : ونقت له مختها ، يعني الدنيا يصف ما فتح عليه منها . وفي الحديث : المدينة كالكير تنقي خبثها . قال ابن الأثير : الرواية المشهورة بالفاء ، وقد تقدمت وقد جاء في رواية بالقاف فإن كانت مخففة فهو من إخراج المخ أي تستخرج خبثها ، وإن كانت مشددة فهو من التنقية وهو إفراد الجيد من الرديء . وأنقت الناقة وهو أول السمن في الإقبال وآخر الشحم في الهزال ، وناقة منقية ونوق مناق ؛ قال الراجز :

                                                          [ ص: 348 ] لا يشتكين عملا ما أنقين

                                                          وأنقى العود : جرى فيه الماء وابتل . وأنقى البر : جرى فيه الدقيق ، ويقولون لجمع الشيء النقي نقاء . وفي الحديث : يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء كقرصة النقي . قال أبو عبيد : النقي الحوارى ؛ وأنشد :


                                                          يطعم الناس ، إذا أمحلوا

                                                              من نقي فوقه أدمه



                                                          قال ابن الأثير : النقي يعني الخبز الحوارى ، قال : ومنه الحديث ما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النقي من حين ابتعثه الله حتى قبضه . وأنقت الإبل أي سمنت ، وصار فيها نقي ، وكذلك غيرها ، قال الراجز في صفة الخيل :


                                                          لا يشتكين عملا ما أنقين     ما دام مخ في سلامى أو عين



                                                          قال ابن بري : الرجز لأبي ميمون النضر بن سلمة ، وقبل البيتين :


                                                          بنات وطاء على خد الليل



                                                          ويقال : هذه ناقة منقية وهذه لا تنقي . ويقال : نقوت العظم ونقيته إذا استخرجت النقي منه ، قال : وكلهم يقول انتقيته . والنقي : الذكر . والنقى من الرمل : القطعة تنقاد محدودبة ، حكى يعقوب في تثنيته نقيان ونقوان ، والجمع نقيان وأنقاء . وهذه نقاة من الرمل : للكثيب المجتمع الأبيض الذي لا ينبت شيئا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية