الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نكد

                                                          نكد : النكد : الشؤم واللؤم ، نكد نكدا فهو نكد ونكد ونكد وأنكد . وكل شيء جر على صاحبه شرا فهو نكد ، وصاحبه أنكد نكد . ونكد عيشهم ، بالكسر ، ينكد نكدا : اشتد . ونكد الرجل نكدا : قلل العطاء أو لم يعط البتة ؛ أنشد ثعلب :


                                                          نكدت ، أبا زبيبة ، إذا سألنا ولم ينكد بحاجتنا ضباب

                                                          عداه بالباء ؛ لأنه في معنى بخل حتى كأنه قال بخلت بحاجتنا . وأرضون نكاد : قليلة الخير . والنكد والنكد : قلة العطاء وأن لا يهنأه من يعطاه ؛ وأنشد :

                                                          وأعط ما أعطيته طيبا ، لا خير في المنكود والناكد

                                                          وفي الدعاء : نكدا له وجحدا ، ونكدا وجحدا . وسأله فأنكده أي وجده عسرا مقللا ، وقيل : لم يجد عنده إلا نزرا قليلا . ونكده ما سأله ينكده نكدا : لم يعطه منه إلا أقله ؛ أنشد ابن الأعرابي :

                                                          من البيض ترغينا سقاط حديثها ، وتنكدنا لهو الحديث الممنع

                                                          ترغينا : تعطينا منه ما ليس بصريح . ونكده حاجته : منعه إياها . والنكد من الإبل : النوق الغزيرات من اللبن ، وقيل : هي التي لا يبقى لها ولد ؛ قال الكميت :

                                                          ووحوح في حضن الفتاة ضجيعها ، ولم يك في النكد المقاليت مشخب وحاردت النكد الجلاد ، ولم يكن لعقبة قدر المستعيرين معقب

                                                          ويروى : ولم يك في المكد ، وهما بمعنى . وقال بعضهم : النكد النوق التي ماتت أولادها فغزرت ؛ وقال :

                                                          ولم تبضض النكد للحاشرين ، وأنفدت النمل ما تنقل

                                                          وأنشد غيره :

                                                          ولم أرأم الضيم اختتاء وذلة ، كما شمت النكداء بوا مجلدا

                                                          النكداء : تأنيث أنكد ونكد . ويقال للناقة التي مات ولدها : نكداء ، وإياها عنى الشاعر . وناقة نكداء : مقلات لا يعيش لها ولد فتكثر [ ص: 352 ] ألبانها ؛ لأنها لا ترضع . وفي حديث هوازن : لا درها بماكد ولا ناكد ، قال ابن الأثير : قال القتيبي : إن كان المحفوظ ( ناكد ) فإنه أراد القليل لأن الناكد الناقة الكثيرة اللبن ، فقال : ما درها بغزير ، والناكد أيضا : القليلة اللبن ، وفي قصيد كعب :

                                                          قامت تجاوبها نكد مثاكيل

                                                          النكد : جمع ناكد وهي التي لا يعيش لها ولد . وقوله تعالى : والذي خبث لا يخرج إلا نكدا قرأ أهل المدينة ( نكدا ) بفتح الكاف ، وقرأت العامة ( نكدا ) ، قال الزجاج : وفيه وجهان آخران لم يقرأ بهما : ( إلا نكدا ) و ( نكدا ) وقال الفراء : معناه لا يخرج إلا في نكد وشدة . ويقال : عطاء منكود أي نزر قليل . ويقال : نكد الرجل فهو منكود إذا كثر سؤاله وقل خيره . ورجل نكد أي عسر ، وقوم أنكاد ومناكيد . وناكده فلان وهما يتناكدان : إذا تعاسرا . وناقة نكداء : قليلة اللبن . ورجل منكود ومعروك ومشفوه ومعجوز : ألح عليه في المسألة ؛ عن ابن الأعرابي . وجاءه منكدا أي غير محمود المجيء ، وقال مرة : أي فارغا ، وقال ثعلب : إنما هو منكزا من نكزت البئر إذا قل ماؤها ، وهو أحسن وإن لم يسمع : أنكز الرجل : إذا نكزت مياه آباره . وماء نكد أي قليل . ونكدت الركية : قل ماؤها . والأنكدان : مازن بن مالك بن عمرو بن تميم ، ويربوع بن حنظلة ، قال بجير بن عبد الله بن سلمة القشيري :

                                                          الأنكدان : مازن ويربوع ، ها إن ذا اليوم لشر مجموع

                                                          وكان بجير هذا قد التقى هو وقعنب بن الحارث اليربوعي ، فقال بجير : يا قعنب ما فعلت البيضاء فرسك ؟ قال : هي عندي ، قال : فكيف شكرك لها ؟ قال : وما عسيت أن أشكرها ، قال : وكيف لا تشكرها وقد نجتك مني ؟ قال قعنب : ومتى ذلك ؟ قال : حيث أقول :

                                                          تمطت به البيضاء بعد اختلاسه على دهش ، وخلتني لم أكذب

                                                          فأنكر قعنب ذلك وتلاعنا وتداعيا أن يقتل الصادق منهما الكاذب ، ثم إن بجيرا أغار على بني العنبر فغنم ومضى واتبعته قبائل من تميم ، ولحق به بنو مازن وبنو يربوع ، فلما نظر إليهم قال هذا الرجز ، ثم إنهم احتربوا قليلا فحمل قعنب بن عصمة بن عاصم اليربوعي على بجير فطعنه ، فأداره عن فرسه ، فوثب عليه كدام بن بجيلة المازني فأسره ، فجاءه قعنب اليربوعي ليقتله فمنع منه كدام المازني ، فقال له قعنب : ماز ، رأسك والسيف ، فخلى عنه كدام فضربه قعنب فأطار رأسه ، وماز : ترخيم مازن ولم يكن اسمه مازنا ، وإنما كان اسمه كداما ، وإنما سماه مازنا ؛ لأنه من بني مازن وقد تفعل العرب مثل هذا في بعض المواضع ، قال ابن بري : وهذا المثل ذكره سيبويه في باب ما جرى على الأمر والتحذير ، فذكره مع قولهم رأسك والجدار ، وكذلك تقدر في المثل أبق يا مازن رأسك والسيف ، فحذف الفعل لدلالة الحال عليه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية