الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نوف

                                                          نوف : ناف الشيء نوفا : ارتفع وأشرف . وفي حديث عائشة تصف أباها - رضي الله عنهما : ذاك طود منيف أي عال مشرف . يقال : ناف الشيء ينوف إذا طال وارتفع . وأناف الشيء على غيره : ارتفع وأشرف . ويقال لكل مشرف على غيره : إنه لمنيف ، وقد أناف إنافة ، قال طرفة :


                                                          وأنافت بهواد تلع كجذوع شذبت عنها القشر



                                                          ومنه يقال : عشرون ونيف ؛ لأنه زائد على العقد . الأزهري : ومن ناف يقال : هذه مائة ونيف ، بتشديد الياء . أي زيادة ، وهي كلام العرب ، وعوام الناس يخففون فيقولون : ونيف ، وهو لحن عند الفصحاء . قال أبو العباس : الذي حصلناه من أقاويل حذاق البصريين والكوفيين أن النيف من واحدة إلى ثلاث ، والبضع من أربع إلى تسع . ويقال : نيف فلان على الستين ونحوها إذا زاد عليها ، وكل ما زاد على العقد فهو نيف ، بالتشديد ، وقد يخفف حتى يبلغ العقد الثاني . ابن سيده : النيف الفضل ، عن اللحياني . وحكى الأصمعي : ضع النيف في موضعه أي الفضل ، وقد نيف العدد على ما تقول ، قال : والنيف والنيف ، كميت وميت ، الزيادة . والنيف والنيفة : ما بين [ ص: 387 ] العقدين ؛ لأنها زيادة ، يقال له عشرة ونيف ، وكذلك سائر العقود . قال اللحياني : يقال عشرون ونيف ومائة ونيف وألف ونيف ، ولا يقال نيف إلا بعد عقد ، قال : وإنما قيل نيف ؛ لأنه زائد على العدد الذي حواه ذلك العقد . وأنافت الدراهم على كذا : زادت . وأناف الجبل وأناف البناء ، فهو جبل منيف وبناء منيف أي طويل ، وقال ابن جني في كتابه الموسوم بالمعرب : وأنت تراهم قد استحدثوا في ( حبله ) من قوله :


                                                          لما رأيت الدهر جهما حبلهو



                                                          حرف مد أنافوه على وزن البيت ، فعدي أنافوه وليس هذا بمعروف ، وإنما عداه لأنه في معنى زاد . ونيف العدد على ما تقول : زاد ، وأورد الجوهري : النيف : الزيادة ، والنياف في ترجمة نيف ، قال : وأصله الواو ، قال ابن بري : شاهده قول ابن الرقاع :


                                                          ولدت برابية رأسها     على كل رابية نيف



                                                          وامرأة منيفة ونياف : تامة الطول والحسن . وجمل نياف وناقة نياف : طويلا السنام ، قال ابن بري : شاهده قول زياد الملقطي :


                                                          والرحل فوق ذات نوف خامس



                                                          قال ابن جني : ياء كل ذلك منقلبة عن واو ؛ لأنه من النوف الذي هو العلو والارتفاع ، قلبت فيه الواو تخفيفا لا وجوبا ، ألا ترى إلى صحة صوان وخوان وصوار ؟ على أنه قد حكي صيان وصيار ، وذلك عن تخفيف لا عن صنعة ووجوب ، وقد يجوز أن يكون نياف مصدرا جاريا على فعل معتل مقدر ، فيجري حينئذ مجرى قيام وصيام ، ووصف به كما يوصف بالمصادر . وقصر نياف . قال الجوهري : وناقة نياف وجمل نياف أي طويل في ارتفاع ؛ قال الراجز :


                                                          أفرغ لأمثال معى ألاف     يتبعن وخي عيهل نياف



                                                          والوخي : حسن صوت مشيها . قال ابن بري : وحق النياف أن يذكر في فصل نوف . يقال : ناف ينوف أي طال ، وإنما قلبت الواو ياء على جهة التخفيف ، ومنه قولهم : صوان وصيان وطوال وطيال ، قال أبو ذؤيب الهذلي :


                                                          رآها الفؤاد فاستضل ضلاله     نيافا من البيض الحسان العطابل



                                                          وقال جرير :


                                                          والخيل تنحط بالكماة وقد     رأى لمع الربيثة بالنياف العيطل



                                                          أراد بالجبل العالي الطويل وقال آخر :


                                                          كل كناز لحمه نياف     كالعلم الموفي على الأعراف



                                                          وقال آخر :


                                                          يأوي إلى طائقه الشنعاف     بين حوامي رتب نياف



                                                          الطائق : الأنف يندر من الجبل . والرتب : العتب ، وأنشد أبو عمرو لأبي الربيع :


                                                          والرحل فوق جسرة نياف     كبداء جسر غير ما ازدهاف



                                                          وقال امرؤ القيس :


                                                          نيافا تزل الطير عن قذفاته     يظل الضباب فوقه قد تعصرا



                                                          وبعضهم يقول : جمل نياف ، على فيعال إذا ارتفع في سيره ؛ وأنشد :


                                                          يتبعن نياف الضحى عزاهلا



                                                          قال أبو منصور : رواه غيره :


                                                          يتبعن زياف الضحى



                                                          قال : وهو الصحيح . وقال أبو عمرو : العزاهل التام الخلق . وفلاة نياف : طويلة عريضة ؛ قال :

                                                          إذا اعتلى عرض نياف فل أذرى أساهيك عتيق أل بعطف ضبعي مرح شمل

                                                          ويروى : بأوب . والنوف : أسفل الذيل لزيادته وطوله ، عن كراع . والنوف : السنام العالي ، والجمع أنواف ، وخص بعضهم به سنام البعير ، وبه سمي نوف البكالي . والنوف : البظر ، وكل ذلك في معنى الزيادة والارتفاع . ابن بري : النوف البظر ، وقيل الفرج ، قال همام بن قبيصة الفزاري حين قتله وازع بن ذؤالة :


                                                          تعست ابن ذات النوف أجهز على امرئ     يرى الموت خيرا من فرار وأكرما
                                                          ولا تتركني كالخشاشة إنني صبور     إذا ما النكس مثلك أحجما



                                                          وروي عن المؤرج قال : النوف المص من الثدي ، والنوف الصوت . يقال : نافت الضبعة تنوف نوفا . ونوف : اسم رجل . وينوف : عقبة معروفة ، سميت بذلك لارتفاعها ، وأنشد أحمد بن يحيى :


                                                          عقاب ينوف لا عقاب القواعل



                                                          ورواه ابن جني : تنوف ، قال : وهو تفعل من النوف ، وهو الارتفاع ، سميت بذلك لعلوها ، الجوهري : وينوف في شعر امرئ القيس هضبة في جبل طيئ ، وبيت امرئ القيس هو قوله :


                                                          كأن دثارا حلقت بلبونه     عقاب ينوف لا عقاب القواعل



                                                          قال : والمعروف في شعره تنوف ، بالتاء ، ويروى تنوفي أيضا . وعبد مناف : بطن من قريش . الجوهري : عبد مناف أبو هاشم وعبد شمس ، والنسبة إليه منافي ، قال سيبويه : وهو مما وقعت فيه الإضافة إلى الثاني دون الأول ؛ لأنه لو أضيف إلى الأول لالتبس ، قال الجوهري : وكان القياس عبدي إلا أنهم عدلوا عن القياس لإزالة اللبس .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية