الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : ويستحب له إذا أراد استقبال القبلة أن يحول رداءه وينكسه ، وتحويله أن يجعل ما على عاتقه الأيمن على عاتقه الأيسر وما على عاتقه الأيسر على عاتقه الأيمن وتنكيسه : أن يجعل أعلاه أسفله ، وأسفله أعلاه .

                                                                                                                                            وقال مالك : يحول ولا ينكس .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : لا يحول ولا ينكس .

                                                                                                                                            والدلالة عليهما ما رواه عبد الله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى وعليه خميصة سوداء فأراد أن يجعل أسفلها أعلاها فثقلت عليه فحولها فثبت عنه التحويل ، ونبه على التنكيس ؛ لأنه تركه لعذر ، ولأن في التحويل تفاؤل بالانتقال من حال إلى حال ، لعل الله أن ينقلهم من حال القحط إلى حال السعة والخصب .

                                                                                                                                            قال الشافعي رضي الله عنه : " ويكون من دعائهم " اللهم أنت أمرتنا بدعائك ووعدتنا إجابتك فقد دعوناك كما أمرتنا فأجبنا كما وعدتنا اللهم فامنن علينا بمغفرة ما قارفنا وإجابتك [ ص: 520 ] إيانا في سقيانا وسعة رزقنا " ثم يدعو بما يشاء من دين ودنيا ويبدءون ويبدأ الإمام بالاستغفار ويفصل به كلامه ويختم به ، ثم يقبل على الناس بوجهه فيحضهم على طاعة ربهم ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ويقرأ آية أو آيتين ويقول أستغفر الله لي ولكم ثم ينزل " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وقد روى ابن المسيب أن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، استسقى فكان أكثر دعائه الاستغفار ، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إني لأعجب ممن يبطئ عليه الرزق ومعه مفاتيحه ، فقيل له : وما مفاتيحه ؟ فقال : الاستغفار ، وحكي عن بعض العرب الجفاة أنه استسقى فقال :


                                                                                                                                            رب العباد ما لنا وما لكا قد كنت تسقينا فما بدا لكا     أنزل علينا الغيث لا أبا لكا

                                                                                                                                            قال أبو العباس المبرد معناه : أشهد أن لا أبا لك ، فهذا وإن كان في لفظة جفاء فهو في معنى الدعاء صحيح ، فإذا فرغ من الدعاء استقبل الناس وأتى بباقي الخطبة ثم قال : أستغفر الله لي ولكم ، وهو على ما كان عليه من الرداء وتحويله ، وكذلك الناس معه حتى نزعوها متى نزعها ، ويختار أن يقرأ عقيب دعائه بقوله : قد أجيبت دعوتكما فاستقيما [ يونس : 89 ] . وقوله تعالى : فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر [ الأنبياء : 84 ] . وقوله تعالى : فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين [ الأنبياء : 88 ] . وما أشبه ذلك من الآيات تفاؤلا لإجابة الدعوة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية