الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  إغلاق باب الاجتهاد أما عن إغلاق باب الاجتهاد فنقول:

                  أصبحت الدولة العثمانية مشجبا يعلق عليه الكثيرون كل الأخطاء والعثرات في شتى المجالات، فالواقع أن سيطرة التقليد والتعصب المذهبي وذبول شجرة الاجتهاد المطلق أمور سبقت الدولة العثمانية، واستشرت في أقطار العالم الإسلامي بنسب متفاوتة، وإن لم يخل عصر من العصور من مجتهدين ومجددين، حتى وجدنا الإمام السيوطي (المتوفى 911هـ) يعلن أنه بلغ مرتبة الاجتهاد المطلق ، ويرجو لنفسه أن يكون مجدد المائة التاسعة كما هـو المشهور في فهم الحديث الوارد في التجديد، ويؤلف كتابه [الرد على من أخلد إلى الأرض، وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض].

                  وفي القرن الثاني عشر نجد المجدد الكبير حكيم الإسلام أحمد بن عبد الرحيم المعروف باسم: شاه ولي الله الدهلوي ( المتوفى 1166هـ) صاحب (حجة الله البالغة) وغيره من الكتب الأصيلة، وفي القرن الثالث عشر يظهر في اليمن الإمام المجتهد المطلق محمد بن علي الشوكاني (المتوفى 1255هـ) الذي تجلى اجتهاده في الفروع والأصول في كتبه (نيل الأوطار) و (السيل الجرار) [ ص: 155 ] و (الدراري المضيئة) وشرحه (الدرر البهية) و (إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول) .

                  على أنه من الإنصاف للواقع وللتاريخ أن نقول:

                  إن الدولة العثمانية اهتمت بالجهاد أكثر من اهتمامها بالاجتهاد ، مع أن القيادة الإسلامية تحتاج إلى كلا الأمرين: الاجتهاد لمعرفة الهدى ودين الحق الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم ، والجهاد لحمايته والذود عنه؛ وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " لا بد للدين من كتاب هـاد وحديد ناصر " مشيرا إلى قوله تعالى: ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس ) [الحديد:25].

                  وكان اهتمام الدولة العثمانية بالحديد - أي: بالجانب العسكري - أكثر من الجانب الفكري، حتى كانت الصدمة المذهلة بمواجهة نهضة الغرب الحديثة.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية