الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          الإطار النظري لنموذج (الإدارة - الخلافة)

          - التصور الإسلامي

          مبدأ التوحيد وحدة الألوهية التي تنبثق منها وحدة الجنس البشري، ووحدة الرسالات، ووحدة الكون والحياة، ووحدة المعرفة.

          الكون المتصف بالوحدة، والغرضية، والاعتماد المتبادل، والنظام المتجسد بالسنن والمسخر للإنسان لتسهيل خلافته على الأرض.

          الطبيعة الإنسانية المكونة من التراب (البعد المادي) والنفخة الإلهية (البعد الروحي) الذي يمكن الإنسان من تلقي الهداية، وكلاهما يمكنه من القيام بواجبات الخلافة. الإنسان يولد على الفطرة ولكنه يتعرض للتأثيرات البيئية، ينحرف ويمكن أن يتوب، لديه أدوات التفكير وحرية الاختيار أن يكون صالحا أو طالحا. لديه القدرة على التعلم، والميل للفضول، والقدرة على اتخاذ المبادرات، والقيام بالمبادرات، والمجازفة وركوب الخطر، لذلك أسندت له مهمة الخلافة والإعمار. من ناحية أخرى، وصف الإنسان في القرآن الكريم ببعض صفات القصور فهو ضعيف، وعجول، وجاحد، وطماع، وعديم الصبر، ومجادل، وجبار، وجهول، ومحتال، وميال للهوى، متكبر، متقلب، ثائر، يصاب بالنسيان. ولذلك فهو مطالب بالتحسين الدائم لأدائه والاستزادة الدائمة من المعرفة. وفوق ذلك فهو بحاجة دائمة للهداية الربانية. [ ص: 84 ]

          الإنسان والكون علاقة الإنسان بالكون علاقة توافق وليست علاقة صراع، فالكون ليس عدوا للإنسان حتى يقوم الأخير بقهره بل هـو مسخر له. وفي الكون ما يكفي للحاجات الإنسانية، ومن شأن هـذا التوجه أن يؤسس لحس الاعتدال والمسئولية في التعامل مع مصادر الطبيعية، ويحول دون الهدر والتبديد والإغراق في الشهوات والترف وما يترتب على ذلك من تدمير للبيئة الطبيعية والاجتماعية.

          الغاية من الحياة العبادة بالقيام بواجبات الخلافة وإعمار الأرض وفق التعاليم الربانية، وذلك في كل نشاط بيولوجي أو اجتماعي أو فكري.

          والإنسان مساءل عن ذلك في الدنيا والآخرة. - خصائص التصور الإسلامي [1] الربانية، الشمول، الثبات، التماسك، التوازن، الواقعية، العملية والبساطة. مقاصد الشريعة [2] المقصد العام للشريعة هـو توفير السعادة للإنسان في الدنيا والآخرة. وحتى يتحقق هـذا المقصد العام لا بد من تحقيق ثلاثة مقاصد فرعية: الضروريات (المعروفة بالكليات الخمس الضرورية لحماية الدين والدنيا وهي حماية العقيدة، والنفس، والنسل، والعقل، والمال) ، والحاجات، والتحسينات. [ ص: 85 ]

          - القضايا الفلسفية

          الحقيقة

          إن قراءتنا لآيات القرآن الكريم تفيد أن هـناك حقيقة، والبحث عن الحقيقة مهمة دينية، ولكن هـناك عوامل تحجب الحقيقة أو تمكن من التوصل إليها جزئيا فقط: تعقد الحقيقة من جهة، ومن جهة أخرى رغباتنا وشهواتنا وميولنا وتحيزاتنا وهوانا ومصالحنا وانحرافاتنا وقصورنا، لذلك تأمرنا النصوص القرآنية بالتحقق والتبين، وجمع المعلومات، والتنقيح، وطرح البدائل، وتجنب التسطيح والقفز للنتائج.

          طبيعة المعرفة ومناهج البحث

          إن التوازن، الذي هـو من خصائص التصور الإسلامي، يقودنا إلى توازن مصادر المعرفة، فالوحي والعقل والحواس والاستنتاج والاستقراء والحدس والخبرة الشخصية كلها مصادر للمعرفة، ولكن الوحي هـو المهيمن عليها، ونصوص الوحي غير خاضعة للدحض والتحقق بل للفهم، ويتطلب ذلك تعدد استخدام طرق ومناهج متعددة للاقتراب من الحقيقة، وتتراكم المعرفة من خلال التنقيح والنقد في ضوء نصوص الوحي وبالاسترشاد به وكذلك في ضوء ما يتراكم من شواهد.

          دور الباحث

          حسب فهمنا للمنظور الإسلامي فالباحث ليس محايدا بل هـو عامل تغيير. صحيح أن الباحث قد يجري أبحاثه بدافع الشغف العلمي وبدوافع مهنية، وأنه قد لا يكون صاحب قرار ولكن شأنه شأن أي [ ص: 86 ] إنسان مسلم، فهو مطالب بالتغيير إلى الأحسن وبالتفكير بطرق لتحويل الفكر إلى عمل.

          العلاقة بين الباحث وموضوع البحث

          يقود اجتهادنا في ضوء النصوص القرآنية إلى أن العلاقة بين الباحث وموضع البحث هـي علاقة تبادلية، فالباحث يؤثر في بحثه ويتأثر به بحكم أوجه القصور المشار إليها، ولذلك على الباحث أن ينقي أدواته باستمرار، ويجمع البيانات ويضعها موضع التساؤل، ويسدد ويقارب، وحتى في هـذه الحالة احتمال الخطأ وارد، ومن هـنا كان علماؤنا يختتمون مداخلاتهم بقول (الله أعلم) .

          مكانة القيم والأخلاق

          للأخلاق والقيم مكانة عالية في المنظور الإسلامي، وهي تتجاوز الإطار القانون والزمني. [ ص: 87 ]

          التالي السابق


          الخدمات العلمية