الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
296 الأصل

[ 225 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا عبد المجيد، عن ابن جريج [ ص: 432 ] قال: أخبرني عطاء، قال: سمعت عبيد بن عمير يقول: اجتمعت جماعة فيما حول مكة، قال: حسبت أنه قال: في أعلى الوادي ها هنا في الحج، قال: فحانت الصلاة فتقدم رجل من آل أبي السائب أعجمي اللسان، قال: فأخره المسور بن مخرمة وقدم غيره، فبلغ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فلم يعرفه بشيء حتى جاء المدينة، فلما جاء المدينة عرفه بذلك، فقال المسور: أنظرني يا أمير المؤمنين إن الرجل كان أعجمي اللسان وكان في الحج، فخشيت أن يسمع بعض الحاج قراءته فيأخذ بعجمته، فقال: هنالك ذهبت بها؟

فقال: نعم.

فقال: أصبت.

التالي السابق


الشرح

قوله: سمعت عبيد بن عمير يقول: اجتمعت جماعة... إلى آخره كأنه تحقق أنه قال: اجتمعت جماعة فيما حول مكة وظن أنه عين أعلى الوادي، فروى ما تحققه على الجزم، وما ظنه على الحسبان.

وقوله: ها هنا وفي الحج يشبه أنه أشار بقوله: ها هنا إلى أعلى الوادي وأراد بقوله: وفي الحج أن اجتماعهم كان في أيام الحج، وفي بعض النسخ ها هنا في الحج بلا واو.

وقوله: فتقدم رجل من آل أبي السائب يمكن أن يريد به أبا السائب مولى هشام بن زهرة، وكان من جلساء أبي هريرة فروى عنه الحديث [ ص: 433 ]

والأعجمي: الذي لا يفصح بالعربية ولا يجيد التكلم بها عجميا كان أو غيره؛ سمي به لعجمة لسانه والتباس كلامه، ويقال: استعجم الأمر: إذا اشتبه وأشكل، وجمع الأعجم: أعجمون، وينسب إلى الأعجم فيقال: لسان أعجمي، والأعجم كالأعجمي فيما ذكر جماعة، وفي الصحاح للجوهري: ولا يقل أعجمي فينسبه إلى نفسه إلا أن يكون ذلك كقعسر وقعسري للجمل الضخم.

وقوله: ولم يعرفه بشيء أي: لم يخاطبه ولم يظهر بلوغ الحال إليه حتى أتى المدينة.

وقوله: هنالك ذهبت بها؟ كأنه يقول: لذلك ذهبت إلى فعلتك التي فعلت.

والمقصود أنه يستحب أن يكون الإمام فصيحا قويم اللسان ليؤمن تغييره ولحنه، فإنه إذا غير فقد يسمعه الجاهل ويظنه صحيحا؛ لأنه سمعه ممن قدم للإمامة، ومنه أن يجوز تغيير غير الأولى والحمل على الأولى، كما يجوز تغيير المنكر والحمل على المعروف وأن الأئمة كانوا يتفحصون عما يفعله الناس ليقيموا الأود ويصلحوا الفاسد، وكانوا يتوخون الصلاح والإصلاح ويعالجون على ما يقتضيه الحال من تعجيل وتأن كما فعل عمر - رضي الله عنه - في انتظار المسور إلى إتيانه المدينة.




الخدمات العلمية