الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        997 953 - وذكر مالك أيضا في هذا الباب عن ثور بن الديلي ، عن أبي الغيث سالم مولى ابن مطيع ، عن أبي هريرة ؟ قال : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام خيبر . فلم نغنم ذهبا ولا ورقا ، إلا الأموال ؛ الثياب والمتاع . قال : فأهدى رفاعة بن زيد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - غلاما أسود ، يقال له مدعم ، [ ص: 197 ] فوجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى وادي القرى . حتى إذا كنا بوادي القرى ، بينما مدعم يحط رحل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، إذ جاءه سهم عائر . فأصابه فقتله فقال الناس : هنيئا له الجنة . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كلا ، والذي نفسي بيده ، إن الشملة التي أخذ يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم ، لتشتعل عليه نارا ، قال فلما سمع الناس ذلك ، جاء رجل بشراك أو شراكين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " شراك أو شراكان من نار " .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        20029 - قال أبو عمر : هكذا قال يحيى عام خيبر ، وتابعه على ذلك : الشافعي ، وابن القاسم ، والقعنبي .

                                                                                                                        20030 - وقال جماعة من الرواة عن مالك : عام حنين .

                                                                                                                        20031 - وقال يحيى : إلا الأموال : الثياب ، والمتاع ، وتابعه قوم .

                                                                                                                        [ ص: 198 ] 20032 - وقال ابن القاسم : إلا الأموال والثياب والمتاع .

                                                                                                                        20033 - ففي هذا الحديث أن بعض العرب وهي " دوس " ، لا تسمي العين مالا ، وإنما تسمي الأموال : المتاع ، والثياب والعروض .

                                                                                                                        20034 - وعند غيرهم : المال الصامت من الذهب والورق . والمعروف من كلام العرب أن كل ما تمول وتملك ، فهو مال .

                                                                                                                        20035 - ألا ترى إلى قول أبي قتادة : " فابتعت " - يعني بسلب القتيل الذي قتله عام حنين - مخرفا فإنه لأول مال تأثلته .

                                                                                                                        20036 - وقال تعالى : خذ من أموالهم صدقة [ التوبة : 103 ] .

                                                                                                                        20037 - وأجمعوا أن العين تؤخذ منها الصدقة ، ومن الحرث والماشية ، وأن الثياب ، المتاع لا تؤخذ منها الصدقة إلا في قول من رأى زكاة العروض للمدير التاجر نض له في عامه شيء من العين أو لم ينض .

                                                                                                                        20038 - وقال عليه السلام : يقول ابن آدم : مالي مالي ، وإنما له من ماله ما أكل فأفنى ، ولبس فأبلى ، أو تصدق فأمضى ، وما سوى ذلك ، فهو مال الوارث .

                                                                                                                        20039 - وهذا يجمع الصامت وغيره .

                                                                                                                        20040 - وروى أبو سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن مضرب ، قال :

                                                                                                                        [ ص: 199 ] جاء ناس من أهل الشام إلى عمر - رضي الله عنه - ، فقالوا : إنا أصبنا أموالا : خيلا ، ورقيقا نحب أن يكون لنا منها زكاة . . . الحديث .

                                                                                                                        20041 - وفيه : إباحة قبول الخليفة للهدية .

                                                                                                                        20042 - وكان - صلى الله عليه وسلم - يقبل الهدية ويأكلها ويثيب عليها ، ولا يقبل الصدقة .

                                                                                                                        20043 - وقبوله الهدية من المسلمين ، والكفار أشهر وأعرف عند العلماء من أن يحتاج إلى شاهد على ذلك هاهنا .

                                                                                                                        20044 - إلا أن ذلك لا يجوز لغير النبي - عليه السلام - إذا كان قبولها على جهة الاستبداد بها دون رعيته ؛ لأنه إنما أقبل ذلك إليه من أجل أنه أمير رعيته ، وليس النبي - عليه السلام - في ذلك كغيره ؛ لأنه مخصوص بما أفاء الله عليه من غير قتال من أموال الكفار مما جلوا عنه بالرعب من غير إيجاف بخيل ولا ركاب ، يكون له دون سائر الناس ، ومن بعده من الأئمة حكمه في ذلك خلاف حكمه لا يكون له خاصة دون سائر المسلمين بإجماع من العلماء ؛ لأنه فيء لمن [ ص: 200 ] سمى الله في آيات الفيء ؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - : " هدايا الأمراء غلول " .

                                                                                                                        20045 - ويدلك على أن العامل لا يجوز أن يستأثر بهدية أهديت إليه بسبب ولايته وأنها له ولجماعة المسلمين حديث أبي حميد الساعدي ، رواه : ابن شهاب ، وهشام بن عروة ، وأبو الزناد ، عن عروة ، عن أبي حميد ، وقد ذكرته بإسناده في " التمهيد " ، وفيه : ( أفلا قعد في بيت أبيه وأمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا ! ! والذي نفس محمد بيده لا ينال أحدكم عنها شيئا يعني من الهدايا - إلا جاء به يوم القيامة ، يحمله على عنقه ) ، وذكر تمام الحديث .

                                                                                                                        20046 - وفي قوله في هذا الحديث : إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه ، دليل على أنه غلول حرام ، قال الله - عز وجل - : ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة [ آل عمران : 61 ] .

                                                                                                                        20046 - وأما حديث عياض بن حمار المجاشعي قال أهديت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناقة ، أو قال هدية ، قال : أسلمت قلت : لا قال : " فإني نهيت عن زبد المشركين " .

                                                                                                                        [ ص: 201 ] 20047 - وظاهره خلاف ما في هذا الحديث من قوله فيه : " فأهدى رفاعة بن زيد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - غلاما أسود يقال أنه : مدعم " ؛ لأن رفاعة كان يومئذ على كفره .

                                                                                                                        20048 : - ولم يذكر في شيء من طرق هذا الخبر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رد الغلام عليه .

                                                                                                                        20049 - وقد قبل - صلى الله عليه وسلم - هدية أكيدر دومة ؛ وهدية فروة بن نفاثة الجذامي وهدية المقوقس أمير مصر والإسكندرية وغيرهم ، وهم في ذلك الوقت كفار .

                                                                                                                        20050 - واختلف العلماء في معنى حديث عياض بن حمار المذكور :

                                                                                                                        20051 - فقال منهم قائلون : ذلك نسخ لما كان عليه من هدايا الكفار ، وذكروا حديث عامر بن مالك ملاعب الأسنة ، قال : قدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - بهدية ، فقال : " إنا لا نقبل هدية كل مشرك " .

                                                                                                                        [ ص: 202 ] 20052 - وقد ذكرت إسناده في " التمهيد " .

                                                                                                                        20053 - وقالوا : هذا نسخ لما تقدم من قوله هدايا الكفار .

                                                                                                                        20054 - وقال آخرون : ليس في هذين الخبرين نسخ من ذلك ، وإنما المعنى أنه كان لا يقبل هدية من يطمع بالظهور عليه وأخذ بلده ، أو دخوله في الإسلام ، لأن قبول هديته داعية إلى تركه على حاله ، وإقراره على دينه ، وترك لما أمر به من كماله ، وهو قد أمر أن يقاتل المشركين حتى يقولوا : لا إله إلا الله .

                                                                                                                        20055 - وقال آخرون : بل كان - صلى الله عليه وسلم - مخيرا في قبول هدية الكفار وترك قبولها ، لأنه كان من خلقه - عليه السلام - أن يثيب على الهدية بأحسن منها [ ص: 203 ] وأفضل ، فلذلك لم يقبل هدية كل مشرك ، وكان يجتهد في ذلك ، وكان الله يوفقه في كل ما يصنعه .

                                                                                                                        20056 - وقد ذكرنا في " التمهيد " ، حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل الهدية ويثيب عليها .

                                                                                                                        20057 - وقد قيل : أنه إنما ترك قبول هدية عياض وملاعب الأسنة ومثلهما ، ونهي عن زبد المشركين ، وهو رفدهم وعطاياهم وهديتهم لما في التهادي والرفد من إيجاب تليين القلوب ، ومن حاد الله وشانه ، قد حرمت على المسلمين موالاته ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك بخلاف غيره ؛ لأنه مأمون منه مالا يؤمن من أكثر الأمراء بعده .

                                                                                                                        20058 - حدثني عبد الوارث بن سفيان ، قراءة مني عليه أن قاسم بن أصبغ حدثهم ، قال : حدثنا ابن وضاح ، قال : حدثنا عبد الملك بن حبيب المصيصي ، وقرأت على عبد الوارث أيضا - رحمه الله ، عن قاسم ، عن عبيد الله بن عبد الواحد البزار أنه حدثه ، قال : حدثنا أبو صالح الفراء محبوب بن موسى ، قالا جميعا : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري . قال : قلت للأوزاعي : أرأيت لو أن أمير الروم أهدى للأمير هدية ، رأيت أن يقبلها ؟ .

                                                                                                                        قال : لا أرى بذلك بأسا .

                                                                                                                        قال : قلت : فما حالها إذا قبلها .

                                                                                                                        قال : قلت للمسلمين .

                                                                                                                        [ ص: 204 ] قلت : وما وجه ذلك ؟ .

                                                                                                                        قال : أليس إنما أهداها له لأنه والي عهد المسلمين ، فلا يكون أحق بها منهم ، ومما فيه بمثلها من بيت مال المسلمين .

                                                                                                                        قال الفزاري : قلت للأوزاعي : فلو أن صاحب الباب أفدى له صاحب العدو هدية ، أو صاحب ملطية أيقبلها أحب إليك أم يردها ؟ .

                                                                                                                        قال : يردها أحب إلي ، وإن قبلها فهي بين المسلمين ويكافئه بمثلها من بيت المال .

                                                                                                                        قلت : فصاحب الصائفة إذا دخل ، فأهدى له صاحب الروم هدية .

                                                                                                                        قال يكون بين ذلك الجيش ، فما كان من طعام ، قسمه بينهم ، وما كان سوى ذلك جعله في غنائم المسلمين .

                                                                                                                        20059 - وقال الربيع ، عن الشافعي في كتاب الزكاة : إذا أهدى رجل إلى الوالي هدية ، فإن كان لشيء نال منه حقا أو باطلا ، فحرام على الوالي أخذه ؟ لأنه حرام عليه أن يستعجل على الحق جعلا ، وقد ألزمه الله القيام بالحق ، وحرام عليه أن يقوم بالباطل ، والجعل فيه حرام .

                                                                                                                        20060 - قال : وإن أهدى إليه من غير هذين الوجهين أحد من أهل ولايته ، فكانت تفضلا أو تشكرا لحسنى كانت منه في المعاملة ، فلا يقبلها ، فإن قبلها كانت في الصدقة ، ولا يسعه عندي غيره ، إلا أن يكافئه من ماله بقدر ما يسعه أن [ ص: 205 ] يتمولها به .

                                                                                                                        20061 - وقد ذكرنا في " التمهيد " من هذا المعنى ما هو أكثر من هذا ، والحمد لله .

                                                                                                                        20062 - وأما حديثه - صلى الله عليه وسلم - من قوله في هذا الباب : " أو شراك أو شراكان من نار " ، فهو شك من محدث .

                                                                                                                        20063 - وقوله في الحديث قبله : " أدوا الخائط والمخيط " ، فيدل على أن القليل والكثير من المغنم لا يحل أخذه ، وأنه بخلاف الطعام المباح في دار الحرب أكله .

                                                                                                                        20064 - وقد روى رويفع بن ثابت ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فلا يركب دابة من المغنم ، حتى إذا أعجفها ردها في المغانم ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فلا يلبس ثوبا من المغنم ، حتى إذا أخلقه رده في المغانم " .

                                                                                                                        20065 - وروى ثوبان ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من فارق الروح منه الجسد [ ص: 206 ] وهو بريء من ثلاث دخل الجنة : الكبر والغلول ، والدين .

                                                                                                                        20066 - وقد ذكرنا أسانيدها في " التمهيد " .

                                                                                                                        20067 - وقد رخصت طائفة من أهل العلم في اليسير من ذلك في دار الحرب .

                                                                                                                        20068 - سئل الحسن البصري عن رجل عريان ، أو من لا سلاح له ، أيلبس الثوب ويستمتع بالسلاح ؟ قال : نعم ، فإذا حضر القسم قيموه .

                                                                                                                        20069 - وقال وكيع : سمعت سفيان يقول : لا بأس أن يستعينوا بالسلاح إن احتاجوا إليها في أرض العدو ، بغير إذن الإمام .

                                                                                                                        20070 - وفي قوله . في حديث مالك " فقال الناس : هنيئا له الجنة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : كلا ، والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم ، لم يصبها المقاسم تشتعل عليه نارا " ، دليل على خطأ من روى هذا الحديث عن يحيى أو غيره عام حنين وإنما هو عام خيبر ، وكذلك رواه الأكثر .

                                                                                                                        20071 - ومعنى قوله : " كلا " ، رد لقولهم أي ليس كما ظننتم ، ثم أخبر أن الشملة لتشتعل عليه نارا .

                                                                                                                        20072 - والشملة : كساء مخمل ذو خمل كذا قال صاحب العين .

                                                                                                                        20073 - وفي هذا كله ، يرد قول من قال إن التوحيد لا يضر معه ذنب ، وإن [ ص: 207 ] الذنوب إن لم يغفرها الله ، فلابد فيها من العذاب ، والله يغفر لمن يشاء ، ومظالم العباد القصاص بينهم فيها بالحسنات والسيئات ، والغلول من أشدها .

                                                                                                                        20074 - حدثنا عبد الوارث قال : حدثنا قاسم ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل ، أبو إسماعيل ، قال : حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، قال : حدثنا عكرمة بن عمار قال : حدثني أبو زميل ، قال : حدثني ابن عباس ، قال : حدثني عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : لما كان يوم خيبر ، قالوا لمن قتل : فلان شهيد ، فلان شهيد ، حتى ذكروا رجلا ، فقالوا : فلان شهيد ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كلا " ، إني رأيته في النار في عباءة غلها ، أو بردة غلها ، وقال : يا ابن الخطاب ! اذهب ، فناد في الناس ، لا يدخل الجنة إلا المؤمنون ، قال : فذهبت ، فناديت في الناس .

                                                                                                                        20075 - قال أبو عمر : هذه الأحاديث وما كان مثلها يحتج بها أهل الأهواء المكفرين للناس بالذنوب ، ومن قال بإنفاذ الوعيد .

                                                                                                                        20076 - وهي أحاديث قد عارضها من صحيح الأثر ما أخرجها عن ظاهرها ، وليس هذا موضع ذكرها ، منها : قوله - صلى الله عليه وسلم - : " من قال لا إله إلا الله صادقا من قلبه ، [ ص: 208 ] دخل الجنة " ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " من سرته حسنته ، وساءته سيئته ، فهو مؤمن " ، ويروى : " دخل الجنة " ، والآثار مثل هذا كثيرة ، والحمد لله .

                                                                                                                        20077 - وفي هذا الحديث دليل على أن الغال لا يجب عليه حرق رحله ومتاعه ؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يحرق رحل الذي أخذ الشملة ، ولا أحرق متاع صاحب الخرزات ، ولو فعل ذلك لنقل ، ولو نقل لوصل إلينا ، كما وصل حديث صالح بن محمد بن زائدة ، عن سالم ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " من غل ، فأحرقوا متاعه " .

                                                                                                                        20078 - وهذا حديث انفرد به صالح بن زائدة ، وهو رجل من أهل المدينة ، تركه مالك ، وروى عنه الدراوردي وغيره ، وليس ممن يحتج بحديثه .

                                                                                                                        [ ص: 209 ] 20079 - وقد اختلف العلماء في عقوبة الغال .

                                                                                                                        20085 - فقال الأوزاعي ، ومحمد بن عبد العزيز ، وهو قول مكحول : يحرق متاع الغال كله .

                                                                                                                        20081 - قال الأوزاعي : إلا سلاحه وثيابه التي عليه وسرجه ، ولا تنتزع منه دابة ، ويحرق سائر متاعه كله ، إلا الشيء الذي غل ، فإنه لا يحرق . قال : ولا عقوبة عليه غير ذلك .

                                                                                                                        20082 - وقال أحمد وإسحاق في عقوبة الغال : يحرق متاعه ويؤخذ كقول الأوزاعي .

                                                                                                                        20083 - وروي عن الحسن البصري أنه قال : يحرق جميع رحله ، إلا أن يكون حيوانا أو مصحفا .

                                                                                                                        20084 - وقال مالك ، والشافعي ، وأبو حنيفة وأصحابهم والليث بن سعد : لا يحرق رحل الغال ، فلا يعاقب إلا بالتعزير على اجتهاد الأمير .

                                                                                                                        [ ص: 210 ] 20085 - وقال الشافعي وداود : إن كان عالما بالنهي ، عوقب ، وهو قول الليث .

                                                                                                                        20086 - وقد زدنا هذه المسألة بيانا في " التمهيد " .

                                                                                                                        20087 - وأجمع العلماء على أن على الغال أن يرد ما غل إلى صاحب المقاسم ، إن وجد إلى ذلك سبيلا ، وأنه إذا فعل ذلك ، فهي توبة له .

                                                                                                                        20088 - واختلفوا إذا افترق أهل العسكر ، ولم يوصل إليه :

                                                                                                                        20089 - فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه يدفع إلى الإمام خمسه ، ويتصدق بالباقي ، فإن خاف الإمام على نفسه تصدق به كله .

                                                                                                                        20090 - وأحسن شيء في هذا ما رواه سنيد وغيره ، عن أبي فضالة ، عن أزهر بن عبد الله ، قال : - غزا مالك بن عبد الله الخثعمي : أرض الروم فغل رجل مائة دينار ، ثم أتى بها معاوية بن أبي سفيان بعد افتراق الجيش ، فأبى أن يأخذها وقال : قد نفر الجيش وتفرقوا .

                                                                                                                        فأتى بها عبادة بن الصامت ، فذكر ذلك له ، فقال : ارجع إليه فقل : خذ خمسا أنت ثم تصدق أنت بالبقية ، فإن الله عالم بهم جميعا .

                                                                                                                        فأتى معاوية فأخبره ، فقال : لئن كنت أنا أفتيتك بها أحب إلي من كذا وكذا .

                                                                                                                        وفي هذا الباب :




                                                                                                                        الخدمات العلمية