الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        19710 - وأما قول مالك في :

                                                                                                                        الرجل يخرج إلى أرض العدو في المفازاة ، أو في التجارة ، فيشتري الحر أو العبد ، أو يوهبان له . فقال : أما الحر ، فإن ما اشتراه به دين عليه ولا يسترق ، وإن كان وهب له فهو حر . وليس عليه شيء ، وإلا أن يكون الرجل أعطى فيه شيئا مكافأة فهو دين على الحر بمنزلة ما اشتري به ، وأما العبد ، فإن سيده الأول مخير فيه ، إن شاء أن يأخذه ، ويدفع إلى الذي اشتراه ثمنه ، فذلك له ، وإن أحب أن يسلمه أسلمه ، " وإن كان وهب له فسيده الأول أحق به ، ولا شيء عليه ، إلا أن يكون الرجل أعطي فيه شيئا مكافأة ، فيكون ما أعطي فيه غرما على سيده أحب أن يفتديه " .

                                                                                                                        [ ص: 131 ]

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        [ ص: 131 ] 19711 - وهذا كله معنى قول الحسن البصري ، وإبراهيم النخعي ، وابن شهاب الزهري .

                                                                                                                        19712 - وبه قال الأوزاعي وأحمد وإسحاق .

                                                                                                                        19713 - وقال الليث بن سعد : إن كان موسرا دفع إلى المشتري ما اشتراه به ، وإن كان معسرا ففي بيت المال . فإن لم يكن كان دينا عليه .

                                                                                                                        19714 - قال أبو عمر : سواء عند مالك اشترى الحر بأمره أو بغير أمره ، وجوابه فيه ما ذكر في الموطأ .

                                                                                                                        19715 - وكذلك العبد سواء اشتراه بإذن سيده أو بغير إذنه . إلا أنه إذا لزم بأمره ، لزمه ما اشتراه به ، إلا أن يكون أكثر من قيمته مالا يتغابن بمثله ، فيعود إلى التخيير .

                                                                                                                        19716 - وقال الشافعي وأبو حنيفة والثوري : ليس على الأسير الحر من الثمن الذي اشتراه به إلا أن يكون أمره بالشراء .

                                                                                                                        19717 - قال أبو عمر : الحجة لمالك أن فداء الأسير لنفسه ، من أرض العدو واجب عليه ، ومقامه مع قدرته على الفداء لا يجوز له فالذي اشتراه إنما فعل ما يلزمه ، فوجب عليه أن يرجع عليه بما اشتراه به .

                                                                                                                        19718 - ومن قال بقول الكوفيين يقول : إن الضمان غير متعلق بالوجوب بدليل وجوب فداء الأسير على جماعة المسلمين ، وإجماعهم على أنه لو أمره بالفداء رجع به عليه دون جماعة المسلمين ، فإذا لم يأمره لم يكن له أن يثبت عليه دين إلا بأمره .

                                                                                                                        [ ص: 132 ] 19719 - قال أبو عمر : قول مالك أولى ؛ لأنه المقدم على جماعة المسلمين في فداء نفسه إذا قدر عليه .

                                                                                                                        19720 - وقال الأوزاعي : لو أسر ذمي ففداه مسلم بغير أمره ، استسعاه فيه .

                                                                                                                        19721 - وأما العبد فليس على سيده شيء مما اشتراه ، أو فداه به التاجر بغير أمر السيد ؛ لأنه متطوع بفعله ، ويأخذ السيد عبده كما يأخذه قبل القسم .

                                                                                                                        19722 - وأما أبو حنيفة فقال : إذا اشترى فأخذه إلى دار الإسلام كان لمولاه أخذه بالثمن ، فإن وهبه المشتري لرجل قبل أن يأخذه مولاه ، ثم جاء المولى لم يكن له فسخ الهبة ، لكنه يأخذه من الموهوب له بقيمته يوم وهبه .

                                                                                                                        19723 - وروى أشهب ، عن مالك أنه قال : لو أعتق المشتري بطل عتقه ، وأخذه مولاه بالثمن الذي اشتراه به .

                                                                                                                        19724 - قال أشهب : فهبة المشتري أحق أن تبطل ، ويأخذه مما اشتراه به .

                                                                                                                        19725 - وهو قول أشهب وابن نافع .

                                                                                                                        19726 - وقال ابن القاسم : إن أعتقه لم يكن للمولى سبيل ، ولا ينقض البيع ، إن باعه ولا الهبة ، وإنما له الثمن .

                                                                                                                        19727 - وقال الحسن بن حي : إن باعه أخذه المولى من المشتري الثاني بالثمن الذي أخذه الأول من العدو ، فإن كان أقل رجع بما بين الثمنين على الذي باعه منه .

                                                                                                                        19728 - وقال الشافعي : إن اشتراه بأمره ثم اختلفا ، فالقول قول الأسير .

                                                                                                                        19729 - وقال الأوزاعي : القول قول المشتري ، اشتراه بأمره ، أو لم يشتره بغير أمره - إن شاء الله تعالى .




                                                                                                                        الخدمات العلمية