الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
284 - أنا يونس ، عن الزهري قال : كان أبو هريرة يحدث : أن ناسا قالوا : يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال : " هل تضارون في القمر ليلة البدر ؟ " قالوا : لا قال : " فهل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟ " قالوا : لا ، قال : " فإنكم لترون ربكم ، كذلك يقول الله يوم القيامة : يقول : لكل أمة كانت تعبد من دونه شيئا ، من كان يعبد شيئا فليتبعه ، فيتبع الشمس من كان يعبدها ، ويتبع القمر من كان يعبده ، ويتبع الطواغيت من كان يعبد الطواغيت ، وتبقى هذه الأمة فيهم منافقوها ، فيأتيهم ربهم في صورة غير صورته ، فيقول : أنا ربكم فاتبعوني ، فيقولون : نعوذ بالله منك ، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا ، فإذا رأينا ربنا عرفناه ، فيأتيهم في صورته التي يعرفونه [ ص: 81 ] ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : أنت ربنا فيتبعونه ، ويضرب الصراط المستقيم بين ظهري جهنم " ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فأكون أنا وأمتي أول من يجوز على الصراط المستقيم ، ولا يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل ، وقولهم يومئذ : اللهم سلم سلم " ، قال أبو هريرة : قال رسول الله : " فأجتاز بأمتي ، وفي النار كلاليب مثل شوك السعدان ، هل رأيتم شوك السعدان ؟ " قالوا : نعم قال : " فإنها مثله ، غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله ، فتخطف الناس بأعمالهم ، فالموبق في جهنم بعمله ، والمخردل ، ثم ينجو ، فإذا فرغ الله من القضاء بين العباد ، فأراد رحمة من أراد ممن في النار ، أمر الملائكة أن يخرجوا من جهنم من أراد ، فيخرجونهم ويعلمونهم بآثار السجود ، فيخرجونهم وقد امتحشوا ، فيصب عليهم ماء الحياة ، فينبتون نبات الحبة في حميل السيل ، حتى يبقى رجل من آخر أهل الجنة دخولا ، قاعدا بين الجنة والنار ، مقبلا بوجهه إلى جهنم ، فيقول : يا رب ، اصرف وجهي عن النار ، أحرقني ذكاؤها ، وقشبني ريحها ، فيقول الله عز وجل له : فعسيت إن فعل ذلك بك أن تسأل غيره ؟ فيقول : لا ، فيعطي ربه من العهود والمواثيق ما شاء الله ، فيصرف الله وجهه عن النار قبل الجنة ، فإذا برزت له الجنة [ ص: 82 ] سكت ما شاء الله أن يسكت ، ثم يقول : يا رب ، قدمني عند باب الجنة ، فيقول الله : أليس قد أعطيت من العهود والمواثيق أن لا تسأل الله غير الذي أعطيت ؟ فيقول : يا رب ، لا تجعلني أشقى خلقك بك ، فيقدمه الله إلى باب الجنة ، فإذا بلغ باب الجنة ، انفهقت له الجنة ، فرأى ما فيها من البهجة والنضرة والسرور ، فيسكت ما شاء الله أن يسكت ، ثم يقول : يا رب ، أدخلني الجنة ، فيقول الله له : أليس قد أعطيت من العهود والمواثيق أن لا تسأل غير الذي أعطيت ؟ ويحك يا ابن آدم ، ما أغدرك فيقول : يا رب ، أدخلني الجنة ، فلا يزال يسأله الجنة حتى يضحك الله منه ، فيدخله الجنة ، ثم يقول : تمن ، فيتمنى حتى تنقطع به الأماني ، ويذكره الله : ومن كذا ومن كذا ، فيسأل : ومن كذا ، ومن كذا ، فيسأل حتى إذا انتهت نفسه ، قال الله : لك ذلك ، ومثله معه " ، قال أبو سعيد وهو جالس مع أبي هريرة حين حدثه هذا الحديث أبو هريرة قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " وعشرة أمثاله " ، فقال أبو هريرة : لم أحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قوله " لك ذلك ، ومثله معه " ، قال أبو سعيد : والله لقد قال رسول الله : " وعشرة أمثاله " ، قال أبو هريرة : " فذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولا الجنة "

285 - أنا معمر ، عن الزهري ، عن عطاء بن يزيد ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه . [ ص: 83 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية