الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      إنجاز التقنية الإسلامية وأسلمة العلوم الإنسانية

      لعل هذا الهدف يعد من الأهداف الرئيسة جدا في قيام [ ص: 166 ] الحضارة الإسلامية من جديد، وإعادة تمكين الدور العالمي والسمة الكونية لرسالة الإسلام، الذي يتوقف تحقيقه وتحصيله على مراعاة سنن الله في الكون، وامتلاك الشروط الضرورية للنهضة والتنمية والتحضر، وتسخير جميع الأسباب الذاتية والموضوعية بغية حيازة المبادرة العلمية والحضارية في بناء التقنية الإسلامية، وامتلاك معلوماتها ودقائقها [1] ، واستثمارها في البناء الحضاري العام، وفي تحريك الدورة التنموية وتعميمها وتفعيلها وتأييدها حتى يتحقق أمن المسلمين في غذائهم وأموالهم ونفوسهم، ويبعدوا مفاسد ارتمائهم في أحضان التنصير والتكفير والتضليل بسبب الجوع الشديد والفقر الذي كاد أن يكون كفرا، بل إنه في هذه الأحوال صار كفرا وجحودا بوقوع آلاف وملايين الجائعين في فلك العاملين على تأليف قلوبهم، واستجلابهم لحظيرة عقائدهم، وإخراجهم من دينهم وفطرتهم، وحتى يتحقق حفظ عقولهم وأذهانهم من الجهل والأمية والسفاهة الفكرية والسياسية، ومناولة المخدرات الحشيشية والتضليلية، وحتى يتحقق حفظ أعراضهم وكرامتهم من الشذوذ والإثارة والتحرش والدونية والإهانة، وحتى يتحقق الأمن العام [ ص: 167 ] للأمة وسعادتها الدائمة في العاجل الدنيوي وفي مصير الآخرة بجوار الله رب العالمين.

      إن امتلاك شروط التقنية العلمية والاكتفاء الاقتصادي الغذائي، وجعل المسلمين أغنياء متعففين وليسوا كلا على الأمم والمنظمات الإنسانية والجمعيات الخيرية - فهم مشكورون وجزاهم الله خيرا - إن كل ذلك وغيره يعتبر من قبيل المقاصد المقررة والمأمولة في واقع الحياة المعاصرة، وهو لن يتكون بمجرد التمني والتحلي - فالسماء لا تمطر ذهبا ولا فضة - ولكن يصير واقعا ملموسا، إذا تهيأت النفوس، وعزمت الإرادات، وكدحت الأجيال، وجاهدت الشعوب في الله حق جهاده.

      ثم إن قيام علوم إنسانية إسلامية سيعود نفعه على سائر الأمم والشعوب، باعتبارها نابعة من الفكر الإسلامي، الذي يتسم بسمات العالمية والكونية والواقعية والمصلحية، وليس متصفا بما يكرس الانعزالية والانطوائية والقبلية والجهوية، كما هو الحال في كثير من التصورات والفلسفات الوضعية .. فالإسلام وعلومه ومعارفه وفنونه، ينبغي أن تشيع في شتى أنحاء الأرض وبين مختلف الطوائف والملل والجماعات، قصد إصلاحهم بالحسنى [ ص: 168 ] ودعوتهم لما فيه خيري الدنيا والآخرة، وانطلاقا من وجوب الشهادة على الناس وإرادة الرحمة بكافة أفراد العالمين.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية