الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        [ ص: 491 ] باب اجتياز رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمرأة وابنها، وما ظهر في ذلك من آثار النبوة

                                        أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال: أنبأنا أحمد بن عبيد الصفار قال: أنبأنا أحمد بن يحيى الحلواني، ومحمد بن الفضل بن جابر، قالا: حدثنا محمد بن عمران بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ح) وأخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل، ببغداد، واللفظ له قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد المصري، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي مريم، قال: حدثنا أسد بن موسى، قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: حدثنا عبد الرحمن بن الأصبهاني قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى، يحدث عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة فانتهينا إلى حي من أحياء العرب، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت منتحيا فقصد إليه، فلما نزلنا لم يكن فيه إلا امرأة، فقالت: يا عبد الله إنما أنا امرأة، وليس معي أحد، فعليكما بعظيم الحي إذا أردتم القرى قال: فلم يجبها وذلك عند المساء، فجاء ابن لها بأعنز له يسوقها، فقالت له: يا بني انطلق بهذه العنز والشفرة إلى هذين الرجلين فقل لهما: تقول لكما أمي: اذبحا هذه وكلا وأطعمانا، فلما جاء قال له النبي [ ص: 492 ] صلى الله عليه وسلم : "انطلق بالشفرة وجئني بالقدح" قال: إنها قد عزبت وليس لها لبن قال: انطلق، فانطلق فجاء بقدح فمسح النبي صلى الله عليه وسلم ضرعها، ثم حلب حتى ملأ القدح، ثم قال: انطلق به إلى أمك، فشربت حتى رويت، ثم جاء به فقال: "انطلق بهذه وجئني بأخرى" ، ففعل بها كذلك، ثم سقى أبا بكر، ثم جاء بأخرى ففعل بها كذلك، ثم شرب النبي صلى الله عليه وسلم قال: فبتنا ليلتنا، ثم انطلقنا فكانت تسميه المبارك وكثرت غنمها حتى جلبت جلبا إلى المدينة، فمر أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فرآه ابنها فعرفه، فقال: يا أمه، إن هذا الرجل الذي كان مع المبارك، فقامت إليه، فقالت: يا عبد الله، من الرجل الذي كان معك؟ قال: وما تدرين من هو؟ قالت: لا قال: هو النبي صلى الله عليه وسلم قالت: فأدخلني عليه قال: فأدخلها عليه، فأطعمها وأعطاها - زاد ابن عبدان في روايته - قالت: فدلني عليه فانطلقت معي وأهدت له شيئا من أقط ومتاع الأعراب قال: فكساها وأعطاها قال: ولا أعلمه إلا قال: أسلمت.

                                        قلت: وهذه القصة وإن كانت تنقص عما روينا في قصة أم معبد ويزيد في بعضها فهي قريبة منها، ويشبه أن يكونا واحدة، وقد ذكر محمد بن إسحاق بن يسار من قصة أم معبد شيئا يدل على أنها وهذه واحدة , والله أعلم.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية