الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              33 - حدثنا أبو الحسن أحمد بن سالم المخرمي ، قال : حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا مهدي بن ميمون ، عن محمد بن عبيد الله بن أبي يعقوب عن بشر بن [ ص: 193 ] شغاف ، عن عبد الله بن سلام قال بينما أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه يخطب ذات يوم فقام رجل فنال منه فوذأته فاتذأ فقال رجل لا يمنعك مكانة ابن سلام أن تسب نعثلا فإنه من شيعته فقلت له لقد قلت القول العظيم في يوم القيامة للخليفة من بعد نوح .

              قال الشيخ : قال جماعة من أهل العلم : معنى قوله : " فوذأته فاتذأ " يعني زجرته وقمعته فازدجر ، وقوله : يسب نعثلا " أن عثمان كان يشبه برجل من أهل مصر اسمه نعثل ، [ ص: 194 ] وكان طويل اللحية ، ولو وجد عائبوه عيبا غير هذا لقالوه .

              وأما قول ابن سلام : " الخليفة من بعد نوح " فقد اختلف الناس في ذلك ، فقال بعض أهل العلم : أراد بقوله " نوح " عمر بن الخطاب ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماه بذلك حين استشاره ، واستشار أبا بكر في أسارى بدر ، فأشار أبو بكر بالمن عليهم ، وأشار عمر بقتلهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : " إن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم حين قال : " فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم " ، وعيسى حين ، قال : " إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " ، وإن مثلك يا عمر كمثل نوح حين قال : " رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا " ، " فشبه النبي [ ص: 195 ] صلى الله عليه وسلم عمر في شدته وفظاظته وغلظته في ذات الله وأمره بنوح عليه السلام ، فأراد ابن السلام أن عثمان كان الخليفة بعد نوح ، [ ص: 196 ] يعني عمر بتشبيه النبي صلى الله عليه وسلم له بنوح .

              وقوله : " يوم القيامة " يريد يوم الجمعة ؛ لأن القيامة فيه تقوم كما روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكقول كعب ، [ ص: 197 ] حين رأى رجلا يخاصم رجلا يوم الجمعة ، فقال : ويحك تكلم رجلا يوم القيامة .

              وقيل في الخليفة من بعد نوح تفسير آخر ، وأن ابن سلام ما أراد إلا نوحا النبي نفسه ؛ لأن الناس كانوا في وقته في عافية وأمن وطمأنينة ، فلما أبوا إلا عصيانه دعا عليهم فكان هلاكهم في دعوته ، فأراد أن الناس في زمن عثمان في عافية وسلام ، وأن في قتله سل السيف والفتن إلى يوم القيامة . [ ص: 198 ] [ ص: 199 ]

              التالي السابق


              الخدمات العلمية