الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            وعن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها هذا جبريل عليه السلام ، وهو يقرأ عليك السلام فقالت وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ، ترى ما لا نرى : الصواب رواية الزهري عن أبي سلمة عن عائشة كما هو في الصحيحين وأما رواية عروة فرواها النسائي وقال هذا خطأ . .

                                                            التالي السابق


                                                            الحديث الثالث وعن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها هذا جبريل عليه السلام ، وهو يقرأ عليك السلام ، فقالت وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ترى ما لا نرى رواه النسائي وقال هذا خطأ يريد أن الصواب رواية الزهري عن أبي سلمة عن عائشة كما هو في الصحيحين (فيه) فوائد :

                                                            (الأولى) : رواه النسائي عن نوح بن حبيب عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة وقال هذا خطأ وأشار بذلك إلى أنه خطأ من جهة الإسناد لذكر عروة فيه ، وإنما المعروف من حديث الزهري روايته له عن أبي سلمة عن عائشة اتفق الشيخان والنسائي على إخراجه كذلك من طريق شعيب بن أبي حمزة وأخرجه البخاري والترمذي والنسائي من طريق معمر وأخرجه البخاري من طريق يونس بن يزيد وأخرجه النسائي من طريق عبد الرحمن بن خالد بن مسافر كلهم عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة ، وهو معروف من حديث أبي سلمة من غير طريق الزهري رواه الأئمة الستة خلا النسائي من طريق الشعبي عن أبي سلمة عن عائشة .

                                                            (الثانية) : فيه منقبة ظاهرة لعائشة رضي الله عنها بسلام جبريل عليه السلام عليها لكن منقبة خديجة رضي الله عنها في ذلك أعظم وهي سلام الله تعالى عليها [ ص: 108 ] والمشهور تفضيل خديجة على عائشة ، وهو الصحيح . .



                                                            (الثالثة) : قوله يقرأ عليك السلام : بفتح أوله أي يسلم عليك يقال قرأت على فلان السلام فإن لم يذكر على ، كان رباعيا نقول أقرأته السلام ، وهو يقرئك السلام فتضم ياء المضارعة منه قال القاضي عياض وقيل هما لغتان .

                                                            (الرابعة) : فيه استحباب بعث السلام قال أصحابنا ويجب على الرسول تبليغه فإنه أمانة ويجب أداء الأمانة وينبغي أن يقال إنما يجب عليه ذلك إذا التزم وقال للمرسل إني تحملت ذلك وسأبلغه له فإن لم يلتزم ذلك لم يجب عليه تبليغه كمن أودع وديعة فلم يقبلها والله أعلم .

                                                            (الخامسة) : وفيه بعث الأجنبي السلام إلى الأجنبية الصالحة إذا لم يخف ترتب مفسدة وبوب عليه البخاري في صحيحه (سلام الرجال على النساء) .



                                                            (السادسة) : وفيه أن الذي يبلغ سلام غيره عليه يرده قال أصحابنا وهذا الرد واجب على الفور وكذا لو بلغه سلام في ورقة من غائب لزمه أن يرد عليه السلام باللفظ على الفور إذا قرأه .

                                                            (السابعة) : ذكر النووي أنه يستحب أن يرد على المبلغ أيضا فيقول وعليه وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ويشهد لما ذكره ما رواه النسائي وصاحبه ابن السني كلاهما في عمل اليوم والليلة أن رجلا من بني تميم أبلغ النبي صلى الله عليه وسلم عن أبيه فقال وعليك وعلى أبيك السلام لكن ما ذكره النووي فيه تقديم الرد على الغائب والذي في هذا الحديث تقديم الرد على الحاضر ولم يقع في حديث عائشة رضي الله عنها الرد عنها الرد على النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو مبلغ السلام عن جبريل عليه السلام وذلك يدل على أنه غير واجب وقد يقال الواقع في حديث عائشة إبلاغ السلام عن حاضر إلا أنه غائب عن العين ولهذا " قالت عائشة رضي الله عنها ترى ما لا نرى : " أي إنك يا رسول الله ترى جبريل عليه السلام ، وإن كنا نحن لا نراه بخلاف قضية التميمي فإنه إبلاغ سلام عن غائب وقد يقال لا أثر لذلك في رد السلام على المبلغ وتركه .



                                                            (الثامنة) : فيه أنه يستحب أن يأتي في الرد : بالواو فيقول في جواب الحاضر وعليكم السلام وفي جواب الغائب وعليه السلام كما وقع في هذا الحديث ، وهو كذلك ، وإن جاز أن يأتي به بغير واو كما تقدم في الحديث الذي قبله وقال بعض أصحابنا لا يجزيه .



                                                            (التاسعة) : فيه استحباب الزيادة [ ص: 109 ] في رد السلام كما تقدم في الحديث الذي قبله .

                                                            (العاشرة) : كذا في هذه الرواية زيادة ورحمة الله وبركاته وكذا في صحيح البخاري من طريق يونس عن الزهري وفي أكثر الروايات زيادة ورحمة الله فقط والأخذ بالزيادة واجب وهذا غاية السلام وقد جاء في حديث انتهاء السلام إلى البركة : .




                                                            الخدمات العلمية