كيف أتعامل مع زوجي الذي لا يعظم حرمات الله؟

0 494

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته.

أنا فتاة منتقبة، وعلى دين -ولله الحمد- تقدم لخطبتي رجل حسبته على دين كما قيل لي من الوسطاء، وكما بدا لي من الحديث معه في يوم الرؤية.

أعجبني كثيرا، لأنه كان يوافقني الرأي في كل الأسئلة التي سألته إياها عندما تحدثت إليه، وكانت كلها أسئلة تبين مدى التزامه بأوامر الله و نواهيه، وليس إلا ذلك.

ولقد سألنا عنه في مكان عمله، وأخبرونا بأنه رجل خلوق، ومحبوب من كل الناس،
والله يعلم أن نيتي في الزواج كانت إنشاء بيت مسلم يعبد الله، وأن أجد زوجا يعينني علي طريق الجنة.

تزوجنا -ولله الحمد- ورزقنا الله بالأبناء، ولكن منذ أول يوم في زواجنا وأنا أراه يتساهل في أمور كثيرة، منها: أنه يتساهل كثيرا جدا في الحديث مع النساء، ويلقي النكات، ويضحك بصوت مرتفع معهم، مما أثار دهشتي وحزني، وأيضا يتساهل في سماع المعازف ومشاهدة الأفلام، مع أنه يعلم أنها محرمة.

حاولت كثيرا أن أنصحه بالحسنى تارة، وأبين له أن هذا الفعل لا يرضي الله بالأدلة من القرآن والسنة، وأحيانا أغضب وأستنكر، ولكن كان رده دائما: أنه يتعامل مع زميلاته في العمل بتلقائية، ولا ينوي بأي كلمه يقولها شيئا محرما، وأنه لا يستطيع التعامل معهم بشدة بعد أن رأوا منه اللين في المعاملة، لأن هذا سيعني بالنسبة لهن أن مزاجه متغير، وليس لأنه يتقي الله!

أما عن المعازف والأفلام، فيرد: بأنه لا يداوم عليها، بل أنه فقط يشاهدها عندما يريد أن يفرغ ذهنه، وأحيانا يقول لي: أن بيئة العمل كلها كذلك، ولا يستطيع الانفصال عنها ويطلب مني أن أدعو الله له بأن يرزقه العمل في مكان آخر به أشخاص لا يعرفونه، حتى يستطيع أن يغير نفسه.

هو لديه في العمل صحبة صالحة من رجال نحسبهم على خير، يحبهم ويحبونه، ويعينوه على الخير، ولا يعلمون عما يفعله مما ذكرته لكم، وعندما يكون معهم تجده وكأنه منهم, ولكن مع ذلك له أيضا صحبة فاسدة، تزين له المعاصي، وتعطيه الأفلام الجديدة ليشاهدها على الكمبيوتر، وأيضا يحبهم ويحبونه، وإذا رأيته حسبته منهم أيضا وهذا تناقض عجيب.

وللأسف تعلقه بالصحبة الصالحة لا يحجبه أبدا عن التعلق بالصحبة الفاسدة والخروج معهم.

حاولت كثيرا نصحه، ولكن بلا استجابة، واستمر الحال إلى أن شاهدته يوما - وهو يحسبني لا أراه - يمزح مع إحدى قريباته، ويضرب كفه بكفها، حينها صدمت كثيرا، وأيقنت أن المشكلة في نفسه هو وليست في محيط العمل، ولم أتحدث معه في شيء، ولم أخبره بأني شاهدته، وتعاملت معه وكأن شيئا لم يكن، وفي قلبي حسرة وضيق شديدين، وأنا الآن لا أعلم ماذا أفعل؟

هل أترك نصحه وأنه إن شاء الله سيهديه الله، وإن أراد أن يضله فلا أملك له من الله من شيء؟ أم كيف أتعامل معه؟

أنا أخشى على أبنائي عندما يكبرون أن يروا والدهم يفعل ذلك، حينها سيكون قدوة سيئة، ولن أتمكن من تربيتهم على طاعة الله وتقواه في كل شيء.

أخبرني كيف أتعامل معه؟ وجزاك الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ امة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله العلي الكبير أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، وأن يهدي زوجك، وأن يبارك فيكم وفي أولادكم.

الأخت الفاضلة:

أولا: جزاك الله خيرا على نصحك لزوجك، وحرصك عليه، ومداومتك على ذلك، ونسأل الله أن يجعل هذا في ميزان حسناتك.

ثانيا: لا يخلو إنسان من أشياء تكدره، ومعاص تحاصره، وعلى الزوجة العاقلة أن توازن بين الحسنات والسيئات، وأن تتعامل مع السيئة من غير تهوين، لأن السيئة تنادي على أختها، وكذلك من غير تهويل حتى لا تتفاقم حياتها، فالتوازن والاعتدال أمر مهم جدا.

ثالثا: لقد أحسنت إذ لم تخبريه أنك رأيته وهو يصافح قريبته.

وأود منك أيتها الفاضلة: أن تجعلي جدارا حاجزا بين زوجك والمجاهرة بالمعصية، فإن بعض الزوجات لا تحسن الكتمان لتخبر زوجها بأنها قد رأته وهو يعمل ويعمل ويعمل، وتظن بذلك أنها تصلحه، لينقلب الحال بعد ذلك إلى ما لا تحب وتكره، ويصير الأمر مع زوجها بعد أن كان أمرا سرا ربما يندم عليه، إلى أن يجاهر بذلك بدافع كبريائه أو أي دافع آخر، وهذا خطر عظيم.

رابعا: لزوجك ما يمدح به مما قد ذكرته وما يعاب عليه.

أما ما يمدح فيه فهو: طلبه الدعاء منك، وصحبته الصالحة التي تجره للخير، وعدم مكابرته على الحرام، فهو يعترف بحرمته، لكنه يرى أن نيته صالحة، وعلى كل فكونه يبرر الأمر فهو لا يكابر على الشرع، وهي نقطة هامة.

وأما الأمور السلبية فهي: تساهله في بعض المسائل، وعدم صموده أمام أصدقاء السوء، وتماشيه معهم إذا كان بينهم.

خامسا: لا تقطعي النصيحة أبدا، ولكن تخيري الأوقات، وكلما كانت غير مباشرة كلما كانت أفضل، ومن ذلك أن يسألك ولدك مثلا: عن حكم الغناء؟ فتحولي السؤال إلى والده، فهو لن يجيبهم بالخطأ، وسيشعر بالمسؤولية أكثر، وهكذا في سائر نصائحك، كلما كانت غير مباشرة، وغير صريحة، كلما كانت أفضل.

سادسا: بداية طريق الإصلاح أختنا الفاضلة تتمثل في ثلاثة أمور:

أ- تقوية الروابط الاجتماعية العائلية بينه وبين الأصدقاء الصالحين، وأعني بالعائلية: أن تقنعي زوجك بزيارات عائلية لزوجات أصدقائه الصالحين، وفائدة ذلك من ناحيتين:

الأولى: شغل وقته أكثر بالجلوس معهم، وتقوية علاقته بهم.

الثانية: التعرف على زوجاتهم، ويمكنك من خلال التعرف عليهن أن تغيرين أشياء كثيرة في حياة الزوج.

ب- اعلمي أنك ما أحييت بدعة إلا على وفاة سنة، والعكس صحيح، وعليه فالاجتهاد في تقوية علاقة زوجك بربه، ودفعه باللين إلي ذلك، وإشعاره بالسرور لكل تقدم وإن كان يسيرا، ووضعه دائما في صورة الرجل المتدين المحافظ الخائف من ربه، يدعم هذا التوجه وبقوة.

ج- الدعاء له بظهر الغيب، فالدعاء باب مفتوح، والله جواد، كريم، مجيب الدعوات، سيما إذا كانت في الأوقات التي يرجى فيها القبول كالثلث الأخير من الليل، وعند الفطر للصائم، وهكذا؛ احرصي على الدعاء له، ولا تيأسي من روح الله، وعسى الله أن يستجيب منك قريبا.. يارب!

وأخيرا أختنا الفاضلة: لا تظني أن أحدا يخلو من المعصية، وزوجك فيه خير، وفيه شر، شأنه شأن غيره، والمفترض عليك أيتها الفاضلة أن تجتهدي لتقليل الشر ما أمكنك، والله يأجرك على ذلك، ويبارك فيك وفي ذريتك.

فلا تنظري إليه نظرة ينميها الشيطان وينفخ فيها، لتجدي نفسك لا تنظري إلي حسناته ولا ترينها، بل يضخم الشيطان سيئاته لتدخلي في نفق من المعاناة النفسية التي لا نرضاها لك، دائما ذكري نفسك أن زوجك بشر يخطئ ويصيب، وعليك الاجتهاد معه.

نسأل الله أن يحفظكم، وأن يرعاكم، وأن يصرف عنكم الشر، والله ولي التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات