أريد نسيان الماضي وبدء حياة جديدة، فكيف يمكنني ذلك؟

0 30

السؤال

السلام عليكم.

أنا عندي مشكلة مع شخص تقدم لخطبتي بأن كان لدي علاقة قبله مع رجل آخر، وقد تحدثنا بالموضوع وأخبرته أنني نادمة، وأنني أريد الارتباط به، وأنه هو من يعنيني الآن، وأن الماضي لن يعد موجودا، ولكن يصعب عليه النسيان، حاولنا بكافة الطرق ولكن لم ننجح، هو أيضا يريد النسيان والبدء بحياة جديدة، كيف يمكنني مساعدته في نسيان الماضي والمضي قدما نحو مستقبل جديد؟

تعبت من لوم نفسي ومن حزني على ذنب ارتكبته، فهل من الممكن أن يكون هذا عقابا لي على ما فعلته؟

وكيف يمكنني إصلاح الأمر؟ أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مؤمنة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يتوب عليك ويغفر لك ذنبك.

لقد أحسنت – ابنتنا العزيزة – حين ندمت على ما كان منك من خطيئة، والله تعالى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، كما أخبر بذلك في كتابه الكريم. والتوبة تمحو ما كان قبلها من الذنب، مهما كبر هذا الذنب وعظم، فإن الله تعالى يقول: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}، فالتوبة جعلها الله تعالى سببا لمحو السيئات السابقة، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((التائب من الذنب كمن لا ذنب له))، والله تعالى يفرح بتوبة الإنسان المؤمن ليكافئه على هذه التوبة وليس لحاجته سبحانه وتعالى إلى الإنسان.

فإذا كان الأمر هكذا فأبشري، وأملي من الله تعالى خيرا، وانظري إلى المستقبل بعين التفاؤل، وأحسني ظنك بالله بأن القادم هو الأجمل، وأنه ما دام قد وفقك الله تعالى للندم والتوبة مما كان منك فإن هذا دلالة إن شاء الله على أنه سبحانه وتعالى يريد بك الخير، وسييسره لك.

والماضي – أيتها البنت الكريمة – إن لم ننسه فينبغي أن نعتبر به، ونتخذه دافعا يدفعنا نحو الأحسن والأفضل، ومما لا شك فيه أن هذا التذكر للماضي إذا كان يثمر ثمرة حسنة ويكون سببا في الإيجابية فالتذكر شيء جميل وحسن، أما إن كان هذا التذكر سببا للإحباط واليأس والقنوط فهنا ينبغي للإنسان أن ينسى ما كان.

ومن الأسباب المعينة على هذا النسيان أن يعلم الإنسان أن الله سبحانه وتعالى خلقه هكذا، يذنب ثم يتوب، وأنه سبحانه وتعالى أمده بالقدرة على النسيان، إذا تجاهل هذه الأمور وأعطاها حجمها ولم يضخمها، فما دام الإنسان قد وقع في الخطيئة وأيقن أن له ربا يغفر الذنب، وتاب إلى هذا الرب، فينبغي أن يعلم أنه قد فتح صفحة جديدة، فلا يبالي بما كان، فإذا حقره سهل عليه أن ينساه، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إن المؤمن خلق مفتنا توابا نسيا)).

هذا فيما يخصك أنت – أيتها البنت الكريمة – فأقبلي على حياتك بتفاؤل وإحسان ظن بالله تعالى وأنه سيقدر لك الخير في دنياك وفي آخرتك. أحسني علاقتك بالله تعالى، وأدي الفرائض التي فرضها الله، واجتنبي ما حرم الله، وسيمدك الله تعالى بالتوفيق وأسباب السعادة.

وأما هذا الرجل الذي تريدين الزواج به وخطبك: فاعلمي أولا أنه لا يزال أجنبيا عنك قبل عقد الزواج، ومن ثم عليك أن تتعاملي معه كغيره من الرجال الأجانب، ولم يرخص له الشرع إلا بالنظرة الشرعية التي تدعوه إلى اختيارك للزواج، فإذا حصلت هذه النظرة وقرر الزواج فبعد ذلك لا يجوز له منك شيء كغيره من الرجال الأجانب، وهذه أول الأدوات التي ينبغي أن تستعمليها لإقناعه بأن الماضي قد ذهب، وأنك الآن امرأة أخرى، فإذا رأى منك الجدية في التزام حدود الله تعالى والابتعاد عما حرم الله فإن هذا يعينه ويساعده على أن ينظر إليك نظرة جديدة.

ولا بأس بأن تخبريه بمحتوى هذا الكلام الذي قلناه لك، من أن الإنسان يذنب ويخطئ ثم يتوب، وبذلك يفتح صفحة جديدة، حتى الله سبحانه وتعالى يتعامل مع الإنسان بهذا، فإنه كما قال سبحانه وتعالى: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى}، وقال: {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات}، فالتوبة تتبدل بها الأحوال ويتغير بها الإنسان، فأكثري من دعاء الله تعالى لك بالتوفيق، ولهذا الرجل إن كنت تظنين فيه الخير وأنه صالح للزواج بك، أكثري من دعاء الله تعالى أن يهديه، ولكن نصيحتنا ألا تعلقي قلبك به، بل اسألي الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح، وأن يقدر لك الخير حيث كان.

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات