الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نحب بعضنا ونشعر بترابطنا..هل يُعدّ هذا حب أرواح؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 22 عامًا، وأحب فتاة عمرها 20 عامًا، تعرفتُ عليها في أحد المجمعات التجارية، وحصلت على رقم هاتفها رغم رفضها في البداية، لكنها في النهاية أعطتني الرقم، وبدأنا نتواصل عبر تطبيق واتساب.

تطورت العلاقة بيننا، وصرنا نتحدث كثيرًا ونتبادل الأحاديث، فأُعجبتُ بها وأحببتها، وهي كذلك أحبّتني، وبعد فترة من هذا التواصل، أخبرتها برغبتي في خطبتها، ونيتي أن أُعلِم أهلي وأهلها بالأمر.

خططنا معًا لطريقة تجمع بين العائلتين، ونجحت الخطة، حيث التقينا جميعًا في مكان عام بإحدى الحدائق، وتم التعارف بين العائلتين بشكل رسمي.

وقالت والدتي حينها لوالدة الفتاة: ابني يحب ابنتك، وأرغب في خطبتها له، فردت والدتها: -إن شاء الله خير-، لكنهم لا يزالون صغارًا، وأضافت: سأتحدث مع والدها، واستمرّ التواصل بعد ذلك، وكان هذا الكلام في عام 2021.

وبعد فترة قصيرة، سافرت عائلتها إلى دولة أخرى، فانقطعت العلاقة، ثم تزوجت الفتاة، وبعد فترة قصيرة تطلّقت، وبعد ذلك عادت بيننا المحادثات، وكنا نتحدث ونتقابل، لكن كانت تحدث بيننا بعض المشكلات فنفترق ثم نعود.

وفي عام 2023، عادوا إلى الدولة التي أقيم فيها، فتقدّمتُ لخطبتها مرةً ثانية، وكانت مطلّقة، فقال أهلها: -إن شاء الله- كوّن نفسك، واستعدّ، وأبشر.

ثم سافروا مرة أخرى، ورغم ذلك لم أرغب بغيرها، وما زلنا نتواصل، نعم تحدث بيننا خلافات فننفصل، لكننا نعود، وهكذا مرارًا، ولكننا في كل مرة نعود بحب أقوى، رغم المسافات والانفصال لم نكره بعضنا يومًا، ولم نستطع أن نبتعد، بل دائمًا ما نعود، وكأن شيئًا خفيًّا يمنعنا من الابتعاد، وأرواحنا كأنها متشابكة، ندعو الله دائمًا أن يجمعنا بالحلال.

كنا ننفصل ثم نعود، والآن عدنا مجددًا، لكن هذه المرة متمسّكان ببعضنا بقوة، نريد أن نكون معًا بالحلال، ونشعر بأن أرواحنا مترابطة بشدة، يصعب فكّها عن بعضها، ومهما حصل نعود.

ونحن دائمًا ندعو الله ليل نهار أن يجمعنا بالحلال، ولم نترك وقتًا فاضلًا إلا دعونا فيه: في رمضان، في السجود، في قيام الليل، في يوم الجمعة، وبين الأذان والإقامة، ومع كل دعاء، نزداد تمسّكًا ببعضنا أكثر فأكثر.

استفساري: هل يُعدّ هذا حب أرواح؟ وهل هو نصيب مكتوب ومحتوم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مروان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى أن يلهمك رشدك، وينير قلبك وبصيرتك إلى ما يصلح حالك ومآلك.

نوصيك بتقوى الله تعالى، وقطع هذه العلاقة على الفور؛ لأنها من خطوات الشيطان التي تلهيك عن الأمور الجسام التي خُلِقت من أجلها، يقول تعالى: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة: 168]، وتكون سببًا في اقترافك للكثير من المعاصي مع امرأة لا تحلُّ لك، حتى وإن كانت العلاقة عبر الإنترنت، ولا يوجد فيها تلاقي في الواقع.

ثانيًا: الحب بين الجنسين في ديننا مباح، إذا كان في إطاره الشرعي من خطبة وزواج، وقد حاولت أن تُتوِّج هذا الحب بالزواج، ولكن في كل مرة يُخلِف أهلها وعدهم لك، ألا ترى أن في هذا التصرف نوعًا من الرفض، وإن لم يُصرَّح به؟! ثم إن الفتاة نفسها قد تركتك وتزوجت في المرة الأولى، فعُد -يا أخي- إلى رشدك، ولا تُضِع آخرتك من أجل من لا يستحق.

ثالثًا: مَن قال لك إن ما تشعر به هو الحب حقًا؟! إنَّ الحب الحقيقي يولد من الاحتكاك اليومي، وتحمُّل المسؤوليات، والرحمة، والرأفة المتبادلة بين الطرفين، وهذه المعاني لا تكتمل إلا بين زوجين متحابَّين، اجتمعا على طاعة الله تعالى، يقول سبحانه وتعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21].

رابعًا: رتِّب أولوياتك في هذه الحياة، واعلم أن ما عند الله تعالى لا يُنال إلا بطاعته، وأن علاقتك بهذه الفتاة تُغضب الله عز وجل، ولذلك إن كنت جادًا، فأعلن رغبتك في الزواج بها، واطلب منها أن تُحدِّث أهلها بشكل واضح وقاطع، وعلى ضوء موقفهم اتخذ قرارك: إما التقدُّم لها رسميًا، أو قطع هذه العلاقة فورًا.

أما حبُّ الأرواح: فهذا وهمٌ لا حقيقة فيه، قد يكون هذا الحب بسبب فراغٍ تعاني منه، أو بسبب تعلُّقك بالروايات والمسلسلات الدرامية التي لا أساس لها في الواقع، ولا أحد يعلم إذا كانت هذه العلاقة يمكن أن تتحوَّل إلى زواجٍ في يوم ما إلا الله تعالى، فخذ خطوات عقلانية تحافظ بها على دينك، ووقتك ونفسك.

هدى الله قلبك، ووفقك إلى خيري الدنيا والآخرة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً