السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لي صديق يصلي، لكنه متقطع قليلا في الصلاة، وأحيانا يصليها في غير وقتها، وأنا نصحته، وهو قال لي: إنه سيأخذ نصيحتي، وبالفعل بدأ يأخذ بها، ولكن من الأشياء التي تعوق توبته فتاة يحبها، علما أنه بعمر أقل من ١٥ عاما، وأمه تقول له: إنها ستزوجه من بنات عمه أو خاله، ولكنه يرفض، فهو يحب تلك الفتاة، ولكن لا يستطيع أن يتحدث معها؛ وقد بحثت ووجدت أن التحدث مع المرأة الأجنبية يعتبر زنا اللسان.
هو خائف من أن يقع في الزنا، مع أني حلمت به أكثر من مرة وهو يتعذب بسبب الزنا المجازي، فهو يريد عندما يصل للسن القانوني أن يتزوجها، ولكنه يخشى أنها تكلم غيره في الحرام، فقال لي: ما الحل؟ أنا أريد أن أحتفظ بها حتى نكبر ونتزوج.
أنا قلت له: حاول أن تنساها فأنت صغير، وهو قال لي: لا أستطيع! فهل أقول لصديقي أن يعترف لها بحبه لها حتى لا تكلم غيره؟ علما أنه لن يكلمها مرة أخرى إلا بعد أن يخطبها.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طارق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك - ولدنا الحبيب - في استشارات إسلام ويب.
نشكر لك تواصلك معنا، كما نشكر لك حرصك على نصح صديقك وتجنيبه الوقوع في الشر والإثم، وهذا من حسن ديانتك وتمام نصحك، ونسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يجري النفع على يديك.
قد أصبت - أيها الحبيب - حين نصحت صديقك بأن يحاول نسيان هذه الفتاة، فهذا التعلق بها لن يجني منه خيرا، والعقل والحزم يقضيان بأن يأخذ بنصيحتك، ويحاول جاهدا نسيان الفتاة.
إذا سلك هذا الطريق فإنه سيتغلب على هذه المشكلة بعون الله تعالى، فإن طبيعة النفس الإنسانية أنها إذا يئست من الشيء نسيته، فيحاول أن يذكر نفسه بالأسباب التي تيئسه من الزواج منها، ومن هذه الأسباب:
- عدم وجود رغبة من عائلته في الزواج بها، وهذا يعني أن الزواج بها سيكون قلقا في حياته.
- من هذه الأسباب أنه يخاف أن تتعلق هي بغيره، وهذا يعني أنها ليست هي الفتاة الأمثل والأفضل له.
- من هذه الأسباب صغر سنه الآن، وهو لا يدري ما الذي ينتظره في المستقبل، ربما وجد فتاة هي أفضل له، ووجد قلبه متعلقا بها أكثر من تعلقه بهذه، وهو لا يستطيع أن يحكم على ما سيكون في مستقبل أيامه.
كل هذه الأسباب وغيرها تزرع في نفسه القناعة واليأس من هذه الفتاة، وهذا هو العلاج الحقيقي النافع لمثل حالته، أما أن يتعاطى الأسباب التي تزيد هذا التعلق وربما تجره إلى ما لا يحسن أو يقع في إثم؛ فإن هذا سلوك غير صحيح في مثل هذه المرحلة.
هذه نصيحتنا له مرادفة لنصيحتك السابقة التي قدمتها له، وينبغي أن يتأمل في الأمر تأملا جيدا.
أما ما ذكرت من كونه يريد أن يكلمها مرة واحدة؛ فإن الكلام مع الفتاة الأجنبية لمثل سنه وسنها إنما هو في الحقيقة باب يحاول الشيطان أن يفتحه ليجرهما بعد ذلك إلى ما لا يحمد شرعا، وربما جرهم إلى أنواع من المآثم، والنبي صلى الله عليه وسلم قد حذرنا أبلغ تحذير من هذه الفتنة، فتنة الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل، فقال عليه الصلاة والسلام: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء).
لقد جاءت الشريعة بالآداب الشرعية المشهورة من منع الاختلاط بين الجنسين إلا بضوابط شرعية، ومن منع كلام الرجل مع المرأة الأجنبية بكلام فيه لين وخضوع وإثارة، وأمر المرأة بالتزام الحجاب، ومنع الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه، إلى غير ذلك من الآداب التي تقصد الشريعة من ورائها صيانة الرجل والمرأة على حد سواء، وإبعادهما عن مواطن الخطر.
نحن لا ننصحه أبدا بأن يكلمها، وإن قرر ولا بد أن يحدث هذه الفتاة، وأن يبدي رغبته في الزواج بها، فليكن ذلك عن طريق بعض النساء من محارمه أو من محارمك أنت، فتبلغها رسالته، ثم يحذر كل الحذر من التواصل معها حول هذه القضايا.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقكم لكل خير.