بسبب الاختلاف على الطول تركني خطيبي!

0 3

السؤال

السلام عليكم.

خطيبي لم يتقبل طولي، فأشار علي بلطف وقال إنه لن يجبرني أن أرتدي كعبا بدون صوت، لكنني رفضت قطعا، فقال لي إن هذا الأمر قد يبنى عليه أمور أخرى، وأنت لا تقبلين النقاش بها، وستغيب عنا الطاعة الزوجية فيما بعد، وقرر الفسخ مباشرة، لأنه استخار الله، ولم يرتح للأمر.

صدقا كنت جاهلة بالأمر، وأشعر بالحزن لما فعلته تجاهه، فهو شاب على خلق ودين، وحافظ للقرآن، والآن أشعر بالندم الشديد، لأن أسلوبه كان هينا، ولا أدري لماذا كنت هكذا؟

علما بأنني في الحالة العادية لا أرفض له شيئا إن كان في حدود الدين، وقد حاولت التواصل معه، والاعتذار منه، وأرسل لي لا أستطيع أن أقول شيئا سوى أنه ليس لنا نصيب ببعضنا، ودعا لي أن يعوضني خيرا منه، ثم حظرني على مواقع التواصل؛ حتى لا تتأثر نفسيتي أكثر، ولا أتكلم معه؛ فهو أجنبي عني.

كان من أفضل الناس، وفينا تشابه في الأفكار كثيرا، ولم نختلف سوى هذه المرة، ولكنه برر سبب الفسخ أنه متعقد كثيرا من طوله، ولم يشعر بالقبول تجاهي لأجل ذلك، فكان يحاول إقناعي بالكعب حتى نصل لحل، لكنني أغلقت عليه الباب، فرحل، فهل سيعود مرة أخرى، ويكون من نصيبي؟

صدقا ما أحببته إلا لصلاحه، وقربه من الله، وحبه للآخرة، لقد كان سعيدا جدا بي، ودائما يقول: إن الله استجاب دعاءه عندما رزقه بي، وأنه سعيد جدا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لبنى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

من المعلوم قطعا أن قضاء الله كله هو الخير للعبد، وقد علمنا القرآن أن العبد قد يتمنى الخير، ويسعى له، ولا يعلم أن فيه هلكته، وقد يبتعد عن الشر يظنه الشر، ولا يدري أن الخير كله فيه، ولعل هذا بعض قول الله تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، فإذا أضفنا إلى ذلك أن الأمور كلها بيد الله، وأن الله قد كتب على ابن آدم كل شيء من قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، كما في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (فرغ الله تعالى من مقادير الخلق، قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء)، علمنا قطعا أن الأقدار التي تأتي هي الخير لا محالة.

ثانيا: لقد ذكرت أن الشاب على دين وخلق، وهذا أمر جيد، ولكن ليس كل من كان صاحب دين وخلق يصلح أن يكون زوجا؛ فقد تكون بعض الطبائع المختلفة بين الزوجين مع وجود الدين والخلق هي الحائل، أو السد بين الإنسان والسعادة، وقد أخبر الشاب أن مسألة الطول محورية في حديثه، وأن التدين والأخلاق وبقية الصفات الجيدة فيك لم تكف ليتغافل عن هذا الأمر الذي لا سلطان لك فيه، وهذا منه عجيب!

أتدرين لماذا -أختنا-؟

لأن الزواج يقوم على المجموع لا على الجميع؛ أي على مجموع الصفات الحسنة في الفتاة، لا على جميع ما يريده الشاب، وقد وجد الشاب فيك الكثير من الصفات التي يريدها، وكان الواجب عليه أن يتغافل عن أمر لا يد لك فيه، ولكنه لم يفعل.

أختنا: طلبه منك لبس الحذاء بكعبه العالي ليس حلا على الحقيقة حتى لو فعلت ذلك، نعم كنا نود لو كنت تجاوبت معه، وخاصة أن الأمر لا يضرك، ولكن ليس هذا هو الحل قطعا، ولا رفضك يعد مبررا قويا لترك الخطبة.

وعليه فلعل الله أراد بك الخير، فلا تحزني، ولا تفكري، ولعل الله ادخر لك في سابق علمه من أهو أفضل لك، والله أعلم بما يصلحنا، وما يرضينا، فبعض الأخوات قد تحولت حياتهن إلى جحيم بعد الزواج، لسبب خلقي ليس لها فيه شأن، وانقلبت حياتها رأسا على عقب، وفقدت كل شيء، وآل أمرها إلى الطلاق، وهي لم تفعل شيئا غير أن زوجها لم يستطع التأقلم مع حالتها! لعل الله نجاك -أختنا- من هذا المصير، ولعل الله ادخر لك ما هو أفضل، وجنبك ما هو شر عليك.

أختنا الكريمة، نوصيك بما يلي:

1- عدم التفكير في ما مضى، وخاصة هذا الخطأ؛ فأمر الله قد وقع، ولن يغير القضاء موافقة سابقة من عدمها.

2- عدم التواصل مع الشاب بأي صورة من الصور، ويمكن للأهل أو لمن يعرفونه من الأهل، ولهم معه علاقة جيدة أن يتواصلوا دون ضغط؛ فأحيانا الضغط في التواصل يباعد المسافات.

3- إذا ما قرر الشاب الابتعاد فاعلمي أن الخير في ذلك، وامسحي كل ما كان بينك وبينه من تواصل؛ حتى لا يحزنك الشيطان بذلك، وكلما قوي إيمانك بأن الخير ما قدره الله عز وجل؛ كلما كان الخروج من تلك الأزمة هو الخير لك، وتذكري أنك قد استخرت الله عز وجل، والله قد اختار لك، فاطمئني.

4- اجتهدي في شغل أوقاتك بالعلم النافع، واجتهدي في المحافظة على أذكارك، واقتربي من الله أكثر؛ فهذا هو الاطمئنان، وفيه السكينة والنجاة.

5- أهم عدو لك هو الفراغ، فاحذريه بكل صوره، واجتهدي في التواصل مع الأخوات الصالحات؛ فإن المرء بإخوانه، وإخوانه به.

نسأل الله أن يحفظك من كل مكروه وسوء، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك في الدنيا والآخرة.

مواد ذات صلة

الاستشارات