كيف أحب الصلاة وأستشعر حلاوتها؟

0 11

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا تلميذة في السنة الثانية من التعليم الثانوي، عمري 16 سنة، أقوم بقضاء الصلوات الفائتة، وأريد أن أسألكم:

على كثرة صلواتي التي أصليها، كيف أحب الصلاة؟ وكيف أستطيع التوفيق بين الفوائت وبين دراستي؟

مع العلم أن لدي هدفا مهما جدا بعد البكالوريا -إن شاء الله-، وأحتاج للدراسة بجد؛ حتى يتسنى لي النجاح بالمعدل الذي أريد، كما أنني أدرس في مكان بعيد عن منزلي، بما يقارب 10 كيلومترات، حيث أخرج في الساعة السابعة والربع، وأعود في الساعة الثالثة والربع مساء، وظروف الدراسة صعبة عندنا؛ بحكم المنطقة النائية التي أعيش فيها.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ علياء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحقق لك في الخير أمانيك، إنه جواد كريم.

الأخت الفاضلة: التوفيق في السؤال دليل خير، وقد وفقت رغم صغر سنك نسبيا في سؤالك، وهو مرتبط بحب الصلاة، وتذوقها، واستشعار حلاوتها، وهذا يحتاج إلى وضع خطة لذلك تبنى على أمرين:

1- التخلية: ونعني بها الابتعاد عن الرذائل.
2- التحلية: ونعني بها التخلق بالفضائل.
هذا هو الطريق لما تصبين إليه، فلن تحبي الصلاة إذا كانت هناك موانع، ومنها:

1- الوقوع في المعاصي، وخاصة صغائر الذنوب، قال تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}، وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه".

2-الإسراف في المباحات؛ لأنه يعود النفس على الراحة، والكسل، والخمول؛ وبالتالي ترك الطاعات، أو عدم فعلها بالشكل والكيفية المطلوبة، فينشأ في النفس حب لهذه المباحات، واستثقال للطاعات، وعدم الصبر على أدائها، يقول المولى عز وجل: {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}.

3- صحبة أصحاب المعاصي أو المسرفين في تعاطي المباحات؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)؛ فمتى ما صاحبت أهل المعصية، فإما أن تقعي معهم فيها، وإما أن تجاريهم من دون إنكار، وكلاهما يؤدي إلى الفتور.

4- ضعف التفكير في الموت، وعدم تذكر الموت وأمور الآخرة؛ وذلك لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإن لكم فيها عبرة) رواه أحمد، وفى رواية: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروا القبور فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة)، فتذكر الموت والآخرة يجعل الإنسان دائما في شعور حي، واتصال وثيق بالله؛ لأنه يستقر في وجدانه أنه مهما طال عليه العمر فإنه ملاق الله عز وجل، وعدم تذكر الموت والآخرة يؤدي إلى نسيان الهدف من الحياة، وبالتالي إلى الفتور، والكسل، والدعة.

هذه هي أهم الأسباب باختصار، ونرجو منك عرض هذه الأسباب عليك، والتفكير فيها جيدا.

وننصحك بعد ذلك بما يلي:
1- الاجتهاد في ابتداء الصلاة بشحن النفس جيدا، مستحضرة الآيات والأحاديث التي تقوي عزمك، وتعينك على الأداء خاشعة لله، محتسبة الأجر، ومن تلك الآيات:
- {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين}.
- {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين}.
- {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين}.
- {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا}.
- {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون}.
- قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟" قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا).
- وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر).
- وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة) اكتبي هذه الأحاديث، ومن قبلها الآيات في ورقة، وعلقيها في مكان بارز أمامك، وداومي النظر إليها.

2- استحضري نعيم أهل الجنة، وما أعده الله لأهلها.

3- احرصي على القراءة في سير أهل العلم والصلاح، وكيفية عبادتهم لله، وخذي كتاب علو الهمة، وكتاب: الإيمان أولا فكيف نبدأ به. وكتاب سير أعلام النبلاء للذهبي، وكتاب رهبان الليل لحسين عفاني، هذه الكتب ستفتح لك آفاقا رحبة، وتحبب إليك الصلاة.

4- أكثري من ذكر الله تعالى في كل حال، والأفضل أن تضعي برنامجا خاصا للذكر، وتلاوة القرآن، والاستماع إلى المواعظ؛ فالقلوب تموت، ولا يمكن أن نحييها إلا بذكر الله تعالى، قال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب".

5- المسافة بينك وبين الدراسة يمكن أن تكون عاملا تحفيزيا آخر؛ وذلك إذا خصصتها لمراجعة محفوظاتك، أو وردك من الذكر، وبذلك تجمعين بين الخيرين.

هذا ما نوصيك به، مع كثرة الدعاء لله تعالى؛ فإن الدعاء سهم صائب لا يخيب صاحبه، نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات