ماتت أمها وكانت تتمنى موتها لقسوتها والآن هي نادمة

0 303

السؤال

أنا فتاة طيبة ولكني كنت عصبية جدا بسبب أن أمي كانت قاسية جدا معي وكنت أدعو عليها كثيرا بالموت. وكثيرا ما كنت أرد عليها وكنت أقول بأنها لو ماتت ستتغير حياتي وتصبح أفضل من دونها، ومن ثم مرضت أمي وكان الجميع يتهرب منها بسبب عصبيتها وكنت أعتني بها مع أختي الكبرى لأني لا أصبر على كلامها القاسي فأرد عليها، والآن ماتت بعد معاناة من المرض أشعر بأني أنا السبب بموتها وأشعر بخوف من أن يعاقبني الله على ذلك، فماذا أفعل أرجوك أخبرني حتى أكفر عن ذنبي أمام الله!!!! وكيف أستطيع أن أبرها بعد وفاتها. لقد اكتشف كم كنت غبية لأن هذه الدنيا الحقيرة لا تستحق أن أدعو على أمي من أجلها، والمصيبه أن من حولي يظنون بي خيرا ويقول بأنني كنت أقوم بها وأبرها ولكن الحقيقة أني كنت قاسية عليها وأؤذيها بكلامي، فهل أسكت علي كلامهم أم أخبرهم بأني غير ما يظنون بي حتى لا يعاقبني الله، فأرجو توجيهي بسرعة ولا تتأخروا علي لأنني بحاجة لمساعدتكم ومشورتكم؟ شاكرة لكم حسن تعونكم معي وجزاكم الله عني وعن جميع المسلمين خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فليس من شك في أن ما كنت تقومين به من الدعاء بالموت على أمك، ومن الرد عليها إذا واجهتك بقسوتها... يعتبر ذنبا بالغا في القبح والفظاعة والعياذ بالله، فكيف تنسيك قسوتها أنها قد حملتك في بطنها تسعة أشهر، وعانت بسبب ألم الحمل، وطلقات الوضع وشدته، وأرضعتك حولين كاملين، وسهرت لسهرك وتألمت لتألمك، وكانت تسعى ليل نهار في مصالحك في زمن لم تكوني فيه قادرة على رفع الضر عن نفسك.

وكيف تنسيك قسوتها وصية الله بها في قوله تعالى: ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير {لقمان:14}، وقوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهمآ أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا {الإسراء:23-24}.

وعلى أية حال فإن من واجبك أن تتوبي إلى الله توبة صادقة، ولا شك أن ما أنت فيه من الخوف من عقاب الله ومن الحزن الشديد يعتبر بداية جيدة للتوبة، وعليك أن تواظبي على الدعاء لأمك بالرحمة والمغفرة، وأن تنفذي عهدها إذا كانت قد عهدت بشيء، وأن تصلي الرحم التي لا توصل إلا بها، وأن تكرمي صديقاتها.

فقد جاء في الحديث الشريف أن رجلا قد جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا رسول الله؛ هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما. رواه أبو داود.

وفيما يخص أولئك الذين قلت إنهم يظنون بك خيرا، ويحسبون أنك كنت بارة بأمك فلا داعي إلى إخبارهم بالحقيقة، بل إننا لا نرى ذلك مشروعا، فإن ديننا يدعو إلى الستر، ولكن ينبغي أن لا تغتري بكلامهم، وأنت أدرى بحقيقة الأمر، ونسأل الله تعالى أن يقبل توبتك ويزيل وحشتك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة