السؤال
أرجو التكرم في الإجابة الكافية حول مسألة مهمة تخص والدي الكريم حفظه الله وهي أن والدي ملتزم مائة في المائة والحمد لله من حيث المحافظة على صلاة الليل وصيام الإثنين والخميس ناهيك عن التزامه الشديد بالسنة والحمد لله ولكن ثمة مشكلة واحده فيه وهي أن أسلوبه في تربيته لنا كأولاد كانت قاسية كثيرة حيث إننا الآن صارت أعمارنا في الثلاثينيات ونحن ثلاثة إخوة وأربع أخوات ومع تقدمنا في السن لازال الجميع في البيت يهابه بمن فيهم والدتنا العزيزة حفظها الله ومما يدل على أنه شديد مبالغ فيها أننا نتذكر أشياء كان يسويها لنا في الصغر يعني ونحن في الإبتدائية من ضرب شديد على حفظ القرآن أو إذا تأخرنا عن الصلاة مثلا وحتى كان يضربنا أمام الناس مما سبب لنا في حينها كراهية بعض العبادات ومن الأشياء التي نذكرها أنه ذات مرة حبس أخي الأكبر لمدة يوم كامل تحت مخزن أرضي بدون طعام والشاهد من هذا كله وهو لب السؤال أننا قد نتكلم عن الوالد أنه شديد في معاملته ونتبادل الحديث ونكون مسرورين عند غيابه فإذا حضرسكت الجميع رغم أننا كلنا لنا أولاد ومع ذلك لازلت الرهبة موجودة ونفس التعامل من قبله موجود مما يضطرنا إلى أن نكذب عليه أحيانا كأن يسأل هل عندك تلفزيون ونقول لا رغم وجوده ، فهل كلمنا عنه نأثم وما الوسائل التي ممكن تجعلنا نحبه رغم أنه شديد علما أننا كلنا محافظون على الصلوات وأحدنا يحفظ القرآن كاملا ونعرف حق الوالد أنه عظيم ولا نريد كلاما حول أهمية الوالد كأولاد لأننا نعرف هذا الشيء والذي يهمنا كيف ممكن نحبه وما حكم الكلام عنه أثناء غيابه وقد يتمنى بعضنا وفاته؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن وجوب بر الوالدين وطاعتهما والإحسان إليهما .. مما علم من الدين بالضرورة عند كل مسلم - ولله الحمد- كما أشار السائل الكريم.
وانطلاقا من ذلك؛ فلا بد من الرفق بهذا الوالد والإحسان إليه.. مهما كان طبعه ومعاملته لكم، وعليكم أن تعذروه وتسامحوه في ما صدر منه وما يصدر وخاصة في هذه المرحلة التي تقدمت به السن فبذلك تنالون الخير الكثير والثواب الجزيل عند الله تعالى، ومما يعينكم على ذلك أن تعلموا أنه ما قسى عليكم لكرهكم وإنما لمحبتكم حتى تتربوا التربية الصحيحة التي فقدها كثير من أبناء المسلمين في هذا الزمان
صحيح أنه أخطأ في هذه القسوة الزائدة فقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم الآباء في عون أبنائهم على برهم فقال: رحم الله والدا أعان ولده على بره. رواه ابن أبي شيبة وسنده ضعيف. ولكن مقاصد الشريعة تفيد صحة معناه.
لكن هذا الخطأ لا يبرر جفاءه وكرهه إلى درجة تمني الموت له فهو خطأ مغمور في بحر إحسانه إليكم وتربيته لكم وحبه إياكم.
ومما يعينكم على حب هذا الوالد أن تتذكروا أن الله تعالى جعله السبب في وجودكم في هذه الحياة، وأنه سهر الليالي الطوال وتعب الأيام الصعبة في تربيتكم حتى وصلتم إلى هذه المرحلة.
وأما كلامكم عليه فإنه منكر عظيم وإثم كبير لما فيه من الغيبة التي حرمها الله عز وجل في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من الكبائر استطالة الرجل في عرض رجل مسلم بغير حق. رواه المنذري وغيره، وقال في حجة الوداع: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام. رواه البخاري، والأحاديث في هذا كثيرة جدا.
وإذا كان هذا في عموم المسلمين؛ فلا شك أنه في حق الوالد أعظم.
نسأل الله تعالى أن يحفظكم ويعينكم على بر والدكم.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى:102322 ، 44366 ، 20332.
والله أعلم.