بر الأم ورعايتها من أقوى أسباب رضا الله عن العبد وتوفيقه في دينه ودنياه

0 346

السؤال

أنا طبيبة عراقية عمري 37 سنة غير متزوجة لي أخوات ستة أنا أصغر واحدة، منهن من تزوجت ومنهن من سافرت، بقيت أنا وأمي في البيت مع أخت لي عندها شلل أطفال متزوجة في المشتمل التابع للبيت ليس لها أطفال، مشكلتي: لي أخت ثانية هي أكبرنا مريضة بمرض التهاب الأعصاب الذي سبب لها شبه شلل فهي بصعوبة تمشي وظهرها منحن وهي متزوجة ولها بنتان عمر كل واحدة منهما الكبرى 18 سنه والثانية 14 سنه وزوجها موجود، مشكلة أختي المريضة أنها تريد أن تعيش معنا في البيت هي وبناتها وتترك زوجها لأن زوجها تعب من مرضها وكل يوم يقول لها اذهبي إلى أهلك هم يقيمون بك وهى لا تستطيع ترك بناتها فتريدهم معها حيث دائما تذكرنا بأبي رحمه الله قد وعدها بأن يبني لها في البيت وكانت غير مريضة لكن أبي كان يريد أن يرضيها ويسكتها لأنه ليس لها بيت هي وزوجها، ولكن الظروف شاءت أن أختي التي بها شلل الأطفال تتزوج وتبني المشتمل بدلا منها فحقدت علينا وقالت المفروض أنا الأولى منها ولكنها تركت المشتمل وتريد أن تعيش معنا في البيت وأنا في حيرة من أمري لأني يا شيخ:
1-بناتها لا يسمعون الكلام ولا يطيعون وخصوصا الكبيرة لها علاقات وهاتف نقال ولا تخاف من أحد وليس هنالك رجل في البيت يؤدبوهن ولا يقومون بأي عمل الشغل كله علي أنا وأمي الكبيرة في السن حتى أن أمي تتعب وتتمرض عندما يأتون .
2- أختي المريضة عندما تأتي تناديني بين فترات متقاربة مرة لقياس الضغط ومرة لإبرة ومرة للعمل في البيت أنا أحب مساعدتها وأشتغل وتصيح على بناتها فلا يسمعون لها ولا يردون عليها ولكن مشكلتها تغضب إذا تركناها أنا وأمي لفترة ليست طويلة وأنا يا شيخ أذهب لغرفتي لأجل الدراسة والراحة بعد أن قمت بأمور البيت وأريد أن ألتفت لمستقبلي الذي ضاع وأريد الدراسة فأنا عمري 37 سنة ولم أتزوج ولم أحصل على دراسات وليس لي أخ وأبي مات رحمه الله وعندما تخرجت ضيعت وقتي مع أهلي في شؤونهم وصديقاتي كلهن تزوجن ومنهن من سافرت وأنا الطموحة لم أحصل على شيء أريد أن أنجح في حياتي وأريد أن أتعلم فكيف لي أن أضيع مستقبلي وأنا طبيبة ممارسه أريد خبرة وخبرتي ومعلوماتي محدودة وإذا لم أشتغل في البيت أجد أمي المسكينة هي تشتغل ومن ثم تتمرض وأمي لا تقبل بخادمة لأنها تخاف فنحن في العراق وظروفنا الأمنية صعبة.
3- زوجها تعب منها ومن مرضها ولا يقبل أن يأتي معهم لأنه لا يريد ترك بيت تابع للحكومة لاحتمال أنهم يملكونه إياه وهي لا تستطيع ترك بناتها وسوف تجلبهم معها ودائما تقول( انتم السبب لقد كان المشتمل من نصيبي وأنتم بنيتم لأختي بدلا مني ثم تقول حسبي الله ونعم الوكيل وتحقد علينا صحيح أن الوالد وعدها وكانت غير مريضه ولكن بعدها قال لأمي أنه يريد أن يسكتها لأن المشتمل يراد له وقفه وماده، ومن ثم مات أبي رحمه الله وبعدها بفترة أختي أم شلل الأطفال تزوجت وهي مسكينة أيضا فبنت لنفسها المشتمل على حسابها؟
هذه قصتي يا شيخ وأختي تريد الآن أن تأتي لبيت أبيها هي وبناتها لأن المشتمل أخذته أختي على حسابها: فسؤالي يا شيخ 1- ماذا أفعل إن قبلت فمعناها دمار لحياتي ودمار لصحة أمي وأنا لا أستطيع أن أترك البيت واذهب أسكن في المستشفى لخاطر أمي وإن رفضت فهي حاقدة علينا وتقول بأننا لا نحب بناتها ولا نريدهم ودائما تدعو علينا.
بالله عليك يا شيخنا بالشرع وبما يقبله ربنا ماذا أفعل فقد هلكت يا شيخنا....
والسؤال الثاني: هل أذهب لمنطقة أخرى أتعلم فيها وأترك أهلي أي أذهب للفلوجة ولا أرجع إليهم إلا كل أسبوع مرة واحدة أي يوم واحد لكي أتعلم ولكن أمي كيف يا شيخنا سوف تهلك وتمرض من كثرة الشغل والقهر والمسؤولية، ماذا أفعل يا شيخنا اترك أمي أم لا بالله عليك جواب وشرح كاف بما يرضي الله أولا وأخيرا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبمجرد موت أبيكم، فقد صار هذا البيت تركة لورثته على قدر حصصهم من الميراث، فإذا كانت أختك الكبرى لم تأخذ نصيبها من تركة أبيكم، فلا شك أن لها نصيبا من هذا البيت، فلا يجوز لكم منعها من السكن فيه، أما وعد أبيكم لها في حياته فلا أثر له، لكن ليس من حق زوجها أن يخرجها من البيت ويجبرها على الإقامة عندكم، فما دامت في عصمته فمن حقها عليه النفقة والسكن، وليس له تبرير ذلك بمرضها وحاجتها للرعاية، فإن بنتيها يجب أن يقوما برعايتها، وينبغي له أن يلزمهم بذلك.

فعليكم أن تبينوا لزوجها واجبه نحو زوجته وبناته، وتستعينوا بمن له تأثير عليه من أقاربه أو أصحابه.

أما إذا تخلى زوجها عنها وطلبت أن تقيم معكم، فليس لكم منعها من ذلك، على أن يقوم برعايتها بناتها، وعلى كل حال، فلا يجوز لك أن تقصري في رعاية أمك فهذا من أعظم الواجبات عليك، ولا يجوز لك أن تتركي البيت، وتذهبي إلى مدينة أخرى للدراسة أو غيرها، ما دامت أمك في حاجة إليك، ولا يوجد من يرعاها ويقوم على شؤونها غيرك، كما أنه لا يجوز للمرأة أن تسافر بغير محرم، ولا أن تقيم بمفردها.

وننبه السائلة إلى أن مقياس النجاح ليس بالدرجات الوظيفية أو المناصب الدنيوية، وإنما أعظم نجاح للإنسان الاستقامة والتوفيق لطاعة الله، ولا شك أن بر الأم ورعايتها من أعظم الطاعات بعد الإيمان بالله، وهو من أقوى أسباب رضا الله عن العبد وتوفيقه في أمور دينه ودنياه، فأبشري خيرا ببركة برك بأمك، فما دمت قاصدة بذلك وجه الله، فسوف تجدين أثر ذلك، ولن يضيع الله جهدك وصبرك، قال تعالى: إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين {يوسف:90}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة