استغلال حب الجدّ والجدّة لإصلاح العلاقة بين الأب وبينهما

0 304

السؤال

سؤالي هو أن أبي متخاصم مع والديه أي جدي وجدتي وبسبب عمتي.. جدي لم يعدل بينهما قال لوالدي وهو ابنه الأكبر اذا كنت لا تريد أن تصالح أختك فابتعد عني أنا كذلك وهذه العمة جد معروفة لدى كل أطراف العائلة بأنها ظالمة الكل يشهد فيها والكل سببت لهم المشاكل مع العلم أنهم غير مبالين لهذا الخصام كونهم يعيشون في أوربا إلا والدي فانه يعيش هنا فهم لا يسألون عنه كيف أحواله وجدتي قالت بهتانا في إخوتي ووالدتي والآن والدي يرفض التصالح معهم وهم أيضا غير مبالين متحدين فيما بينهم لا زالوا مستمرين في إطلاق إشاعات لا صحة لها ونسوا أن الموت لا مفر منه. ولما سافروا لم يودعوه ومرت سنتان على سفرهم و لم يسألوا عنه ولو لمرة واحدة كأنهم ليسوا والديه ونحن كلنا نعلم مدى حب وشوق الأم لابنها غير أن جدتي لم تبرهن على ذلك ولو لمرة واحدة في حياتها نظرا لما عشته أنا معهم و ما يحكى لي من طرف العائلة لكنهم يقولون عني أشياء حسنة بأنني أعز حفيد عندهم لكن أنا أعرف أنهم هم من أساؤا إلى والدي بسبب عمتي وأقولها لهم وجها لوجه بأنهم هم الضالون ومع ذالك فهم لا يتكلمون عني في غيبتي إلا بالخير. وما أريد أن أعرف هو هل لوالدي إثم في عدم مهاتفتهم أنا أرجو منكم الجواب المقنع فأنا جد يئوس ومحتار فأنا أريد مصالحتهم فكلا الطرفين يرفض المصالحة. وأرجو منكم الدعاء لهم ولي و لجميع المسلمين. وجزاكم الله خير الجزاء وأنا في انتظار جوابكم و دعائكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

 فما يفعله والدك من مقاطعة والديه حرام غير جائز, وليس له ما يبرره على الإطلاق, فإن حقوق الوالدين عظيمة، وقد قرنها الله تبارك وتعالى بعبادته فقال جل وعلا: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا{النساء:36}، وأمر الله بالإحسان إليهما ومصاحبتهما بالمعروف حتى ولو كانا كافرين يدعوان ولدهما إلى الشرك بالله والكفر به فقال سبحانه: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا{لقمان:15}، وقال صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه الترمذي, وصححه الألباني, وقال عليه الصلاة والسلام: رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أوأحدهما فلم يدخلاه الجنة. رواه الترمذي وصححه الألباني.

فعلى والدك أن يبادر بإصلاح ما فسد بينه وبين والديه, وأن يحسن إليهما بكل سبيل, وأن يطيعهما فيما يأمرانه به من إصلاح علاقته بأخته، فإنهما ما يأمرانه في هذا إلا بالبر والصلة, ومهما يكن من أمر أخته فإنها في النهاية من أرحامه الذين تجب صلتهم, وتحرم قطيعتهم, وما أساءت فيه فإساءتها على نفسها, وسيحاسبها على ذلك ربها, ولكن هذا لا يسقط حقها في البر والصلة.

واعلم أخي السائل وأعلم أباك أنه ليست الصلة وصل الإنسان أرحامه إذا وصلوه بل هذه مكافأة، بل المراد أن يصلهم وإن قطعوا، ويحسن وإن أساءوا، ويعطيهم وإن منعوا, فتلك هي الصلة التي أمر الله بها، روى البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.

اللهم إلا إذا كان أبوك قد أخذ هذا الموقف من عمتك لله وفي الله, وكان قصده من هجرانها زجرها وصدها عن ظلمها وعدوانها عند ذلك لا بأس في مقاطعتها إذا غلب على ظنه أن هذا مما يزجرها.

واعلم أيضا أننا بهذا لا نبرئ جدك وجدتك من التبعة في حق ابنهما بل هم أيضا قد أساءوا في مقاطعتهم لوالدك, إذ للولد على أبيه حقوق, وإن كانت حقوق الوالد أكبر وأعظم.

وقد ذكرت – أيها السائل الكريم – أن لك عند جديك حظوة ووجاهة, وأنهما ذكرا أنك أحب حفيد إليهما, فبادر رحمك الله باستغلال هذا الود في إصلاح ذات البين , وتقريب وجهات النظر, ووصل الأرحام بعضها مع بعض, فهذا من أعظم القربات وأجل الأعمال الصالحات , قال سبحانه: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما {النساء:114}, وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة قالوا بلى قال صلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين. رواه الترمذي وصححه الألباني.

للفائدة تراجع الفتويين رقم: 104587، 112160      

 

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة