حكم من ارتكب كبيرة في ظنه وهي صغيرة

0 230

السؤال

أحببت فتاة إلى حد الجنون وكنت أغار عليها غيرة قاتلة وذات مرة رأيتها خارجة بسيارتها فخشيت أن تذهب لمقابلة أحد الشبان لأنني كنت كثير الشك والوسواس ففكرت أن ألاحقها ولكن قلت في نفسي أن هذا تجسس وهو حرام ومعصية وإيذاء لله ولرسوله والإيذاء كفر وخروج عن الملة ولكن لشدة غيرتي على البنت قمت بملاحقتها وقلت سأتوب فيما بعد من هذا الكفر، فماذا أفعل الآن ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فينبغي التنبه أولا إلى أن ما يعرف بعلاقة الحب بين الشباب والفتيات هو أمر لا يقره الشرع، ولا ترضاه أخلاق الإسلام، وإنما هو دخيل على المسلمين من عادات الكفار وثقافات الانحلال، وإنما المشروع في الإسلام أن الرجل إذا تعلق قلبه بامرأة، يخطبها من وليها الشرعي، ثم تظل أجنبية عنه حتى يعقد عليها.

والمبالغة في التعلق القلبي أمر مذموم قد يؤدي إلى مفاسد وأمراض قلبية كمرض العشق، وراجع الفتوى رقم: 27626.  

كما أن سوء الظن وتتبع عورات المسلمين أمر منهي عنه،  قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا  {الحجرات:12}.

لكن ارتكاب ذلك من غير استحلال هو ذنب من الذنوب، وليس كفرا ولا خروجا عن الملة كما زعمت.

ولكن فعلك ذلك مع ظنك أنه كفر، فيه جرأة على الله، واستخفاف بحرماته، وهل يقدم مسلم على معصية وهو يظنها كفرا ثم يقول سوف أتوب منها ؟ ومن أدراك أنك تعيش إلى أن تتوب ؟ ومن أدراك أنك ستوفق إلى التوبة المقبولة ؟

إن هذه الجرأة تعظم الإثم وتزيد الوزر، قال العز بن عبد السلام فيمن ارتكب كبيرة في ظنه وليست في الباطن كبيرة: والظاهر أن هذا لا يعذب تعذيب من ارتكب صغيرة لأجل جرأته وانتهاكه الحرمة بل يعذب عذابا متوسطا بين الكبيرة والصغيرة بجرأته على الله تعالى بما يعتقد أنه كبيرة. انتهى من  قواعد الأحكام في مصالح الأنام.

فالذي يجب عليك فعله الآن هو التوبة الصادقة بالإقلاع عن هذا الذنب والندم على فعله والعزم على عدم العود له.

وعليك بقطع العلاقة بهذه الفتاة، والتزام حدود الله، والإكثار من الأعمال الصالحة والحسنات الماحية، وتعلم ما يلزمك من أمور دينك، والحرص على كل ما يقربك من الله ويعينك على طاعته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات