هل يجب على الرجل إذا أمره أبوه بطلاق زوجته أن يطلقها

0 330

السؤال

شاب مسلم عربي أبلغ من العمر: 27 سنة وأعيش في كندا وأحمل جنسيتها وتربيت في السعودية التي ليست بلدي في عائلة محافظة، وأمي تحفظ القرآن وأبي مواظب على صلاة الجماعة في المسجد، درست في مدارس أجنبية وحصلت على ثانوية أمريكية، وسافرت إلى كندا للدراسة واخترت الفرع الذي أرغب فيه ولم يعترض أهلي على ذلك، بل كانوا نعم الأهل ولم يبخلوا علي بشيء وكانوا على اتصال يومي معي خلال دراستي وأرسلوا لي تذاكر سفر مرتين في السنة ويقضون الإجازة معي بكندا، تخرجت منذ: 5 سنوات بامتياز، فنصحني أبي بالعمل فترة لكسب خبرة والعودة للعيش معهم والزواج بفتاة مناسبة، فأنا من عائلة معروفة ببلدنا، ولا زلت بكندا بالرغم من إلحاح أبي علي للعودة للعمل بالسعودية والعيش بالقرب منهم، وقد هيأ لي مشروعا أعمل من خلاله لحسابي الخاص في مجال تخصصي وصرف لأجل ذلك كثيرا من المال على أمل أن أكون سندا للعائلة، لكوني الأكبر، ومنذ أكثر من سنتين ـ وخلال اجتماع مع أصدقاء غير عرب ـ تعرفت على بنت أكبر مني بثلاث سنوات متعلمة سويدية الجنسية لأب باكستاني وأم إيرانية يعيشون بالسويد لظروف سياسية، تم التعارف خلال وجودها بكندا فقد كانت تعيش حياتها بحرية تسافر وتسهر كما تحب، أعجبت بها وبادلتني نفس الشعور وتقابلنا لمرات وتواعدنا على الزواج ففاتحت أمي فتفاجأت ونصحتني أن أنسى الأمر ولا أخبر به أبي، ومنذ أكثر من سنة كان والدي بكندا ففاتحته في الموضوع فأصيب بصدمة، وطلبت منه مقابلتها فرفض حتى الحديث في الموضوع وطلب مني نسيانها وذكرني بتربيته لي وبالقيم والعادات التي نشأت أنا وإخوتي عليها وأبدى استعداده لتزويجي بالبنت التي أريد شرط أن تكون من عائلة مكافئة لنا ومن مجتمعنا لكنه يرفض أن أفرض عليهم زوجة غير مناسبة فسافر أبي بعد أن أخذ مني وعدا بأن لا أقوم بما يسيء لسمعتنا، فأبي له مركز مرموق في العائلة وكلمته مسموعة وأنا ابنه البكر والكل يعرف تربيته لنا، وبعد شهرين سافرت لقضاء الإجازة مع أهلي وأعدت فتح الموضوع فقوبلت بالرفض قطعيا وخيرني أبي بين الاحتفاظ بأهلي وعائلتي وبين الارتباط بها وتحديد موقفي قبل سفري، ويوم سفري قال لي إذا سافرت دون أن تؤكد لنا تركك لها فهذا فراق بيننا وبينك وستقاطع من الجميع وستحرم بلدك، لأن الكل سينظر لك بازدراء فدخلت صالة المغادرة دون جواب ودون أن ألتفت إلى الوراء وكانت آخر كلمة سمعتها من أبي: حسبي الله ونعم الوكيل فيك ـ وبعدها قاطعني ولم يعد يرد على مكالماتي ورسائلي، وبعد فترة من سفري أخبرت والدتي بعزمي السفر إلى السويد لمقابلة أهل الفتاة لطلب يدها وفعلا سافرت وطلبت الفتاة من أبيها، فكتب والدها رسالة بالبريد الألكتروني لأبي يسأله عن رأيه فكان رده مهذبا دون تجريح وأبدى عدم موافقته لأسباب عدم التكافؤ في اللغة والعادات إلخ، وبأن تصرفي نزوة ليست في مصلحتي ولا مصلحة ابنته طالبا منه عدم الموافقة على طلبي ليد ابنته، لكن والد الفتاة وافق، فأخبرت أمي بذلك وأنا بالسويد فأصيبت بصدمة نقلت على إثرها إلى المستشفى، وبعدها تلقيت رسالة من أبي صب فيها جام غضبه وقال بأنني سأكون سبب قتله وقتل أمي وأنني بعت أهلي وديني وعائلتي من أجل فتاة لا أعلم عنها شيئا وأرفق مع رسالته عدة صور للفتاة حصل عليها من الأنترنت ـ الفيس بوك ـ مع شباب غرباء ضمن حفلة فيها مشروب، وأهانني والدي فقد قال أن من يرضى بفتاة كهذه زوجة له يعتبر ديوثا وأنه لا يشرفه أن أكون ابنه وسألني هل أرضى لأختي أن تسلك هذا الطريق وتتزوج بنفس الطريقة؟ فكانت ردة فعلي عنيفة كتبت له بأن ما فعله من إرسال صورها لي ليس من الدين الذي أمر بالستر وأنني استفتيت أحد المشايخ وأفادني بأن أبي لا يحق له الاعتراض على زواجي وأن هذه حياتي، وقلت له إنني مضطر في حال عدم موافقته أن أمشي في هذا الطريق وحدي وأتزوج الفتاة، وفعلا عقدت عليها، وهي الآن تعيش معي منذ 3 أشهر وكان أبي وأمي وأختي بكندا فطلبت رؤيتهم، لكن أبي رفض قطعيا وبصعوبة وافق على رؤية أمي وأختي قبل سفرهم إلى السعودية بساعات في بهو الفندق، فحضرت أنا وزوجتي فرفضت أمي الجلوس معها وطلبت أن تجلس بعيدا عنها وهذا ما حصل، سمعت من أمي ما يكفي من التوبيخ والتجريح والغضب وبأن أبي أقسم أن لا يقابلني إلا أمام الله يوم الحساب، ليقاضيني على عقوقي وأنه لا ولن يسامحني، وسافروا دون أن أرى أبي، فأرسلت زوجتي عدة رسائل لأبي تشرح له موقفها وأنها على استعداد للعيش مع العائلة في أي مكان وستتعلم العربية وتلبس الحجاب وتكون خادمة لأهلي حتى يرضوا عني وعنها دون أن يرد.
وأنا الآن متزوج وأريد الاحتفاظ بزوجتي وأهلي، وأبي أقسم أن لا يجمعه مكان مع زوجتي وأن عودتي للعائلة مرهونة بطلاقها، وخبر زواجي لم يعلم به سوى أبواي وإخوتي وفي حال انتشاره سيؤدي إلى فقدان والدي هيبتهما ومكانتهما ضمن العائلة، وأبي مصر على طلاق زوجتي، فهل يحق له ذلك؟ وكيف السبيل لإرضاء والدي لعلمي أن رضاهما من رضى الله مع الاحتفاظ بزوجتي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يخفى أن إقامة المسلم في بلاد الكفار خطر على دينه و أخلاقه، كما بيناه في الفتوى رقم : 2007.

وقد ظهر شؤم هذه الإقامة وشؤم التعليم في المدارس الأجنبية واضحا في سلوكك وقلة اكتراثك بحدود الشرع وقسوة قلبك على والديك وتنكرك لفضلهما عليك، ولا شك أنك عققت والديك ـ وتلك كبيرة من أكبر الكبائر ـ ومن أعظم أسباب سخط الله على العبد، فلو أنك أردت الزواج بامرأة صالحة ورفض أبوك ذلك وأمرك بالرجوع لبلدك والزواج بغيرها، لكان الواجب عليك أن تطيع والدك، فكيف إذا كنت قد اخترت امرأة غير صالحة؟.

فالواجب عليك المبادرة بالتوبة، وبذل الجهد لإرضاء والديك وطلب الصفح منهما عما كان منك، وإن أمكنك إقناع والديك بإبقاء زوجتك على ذمتك وكانت صادقة في الرغبة في الاستقامة والتزام أحكام الشرع، فبها ونعمت، وأما إذا أصر أبوك على طلاقها، فينبغي أن تطيعه وتطلقها، فإن أمره لك بطلاقها ليس ناشئا عن هوى وإنما هو محق في ذلك.

والعجب منك! كيف تبيع رضى والديك ـ وهما لا يعوضان ولا يستبدلان ـ مقابل الزواج من امرأة يمكن الزواج بأحسن منها وخير منها؟ فكيف إذا كان الشرع ينهاك عن الزواج بمثلها ويأمرك به والدك من الزواج بالمرأة الدينة، كما في الحديث: فاظفر بذات الدين تربت يداك. رواه البخاري ومسلم.

فاتق الله وسارع إلى إرضاء والديك كما أغضبتها فإنهما سبيلك إلى الجنة، فعن ابن عمر قال: كان تحتي امرأة أحبها وكان أبي يكرهها فأمرني أن أطلقها فأبيت، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا عبد الله بن عمر: طلق امرأتك. رواه الترمذي.

قال المباركفوري:  فيه دليل صريح يقتضي أنه يجب على الرجل إذا أمره أبوه بطلاق زوجته أن يطلقها وإن كان يحبها فليس ذلك عذرا له في الإمساك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة