السؤال
هل من فشل فى غض بصره وعلم أنه لن يستطيع أن يقلع عن هذه المعصية لشدة شهوته، يتوقف عن الاستغفار، لأنه سيعود؟.
هل من فشل فى غض بصره وعلم أنه لن يستطيع أن يقلع عن هذه المعصية لشدة شهوته، يتوقف عن الاستغفار، لأنه سيعود؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن غض البصر عن المحرمات واجب شرعي، فيتعين على العبد أن يجاهد نفسه في تحصيله والالتزام به، وأن يبتعد عن ارتياد الأماكن التي توجد بها المناظر المحرمة، وعليه أن يواصل المسيرة حتى ينجح في مهمته، وإذا حصل انتكاس يوما ما فليسارع إلى تجديد التوبة مرة أخرى بصدق وليجدد العزم على مواصلة مسيرته، ولا يجوز أن يحمله الشيطان على الاقتناع بالفشل وترك الاستغفار، فإن الله تبارك وتعالى بمنه ورحمته يغفر للعبد ويقبل توبته ما دام يذنب ويستغفر، ويأتي بالتوبة بشروطها في وقتها، ولو تكرر ذلك منه مرارا وتكرارا، كما في الحديث المتفق عليه:
قال العلماء: فليعمل ما شاء: معناه ما دام يذنب فيتوب، فإن الله يغفر له.
قال النووي ـ رحمه الله ـ في شرحه لصحيح مسلم: ولو تكررت مائة مرة، بل ألفا وأكثر وتاب في كل مرة قبلت توبته، أو تاب عن الجميع توبة واحدة صحت توبته. انتهى.
فعلى المسلم أن يأخذ نفسه بالشدة ويفطمها عن الذنب الذي يعاوده الفينة بعد الفينة، فيتوب منه توبة نصوحا يعزم فيها على عدم العودة أبدا، وذلك لأنه لا يعلم متى تأتيه منيته، وليحذر أن يدركه الموت وهو قائم على معصية الله، فيختم له بخاتمة السوء ـ والعياذ بالله ـ وانظر شروط التوبة النصوح في الفتويين رقم: 9694، ورقم: 5450.
وينبغي للتائب أن يتخذ تدابير تعينه على الاستقامة والاستمرار على التوبة وعدم النكوص وتنكب الطريق، ومن هذه التدابير:
1ـ دعاء الله بذل وإلحاح أن يرزقه الاستقامة وأن يعينه على التمسك بدينه، وخير ما يدعى به ما كان يدعو به رسول الله صلى الله عيله وسلم: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. رواه الترمذي.
2ـ اجتناب أماكن المعصية وأصدقاء السوء الذين يزينون المعاصي له ويرغبونه فيها، وفي المقابل اتخاذ رفقة صالحة من الشباب المستقيم المتمسك بالدين، فإن صحبتهم من أعظم أسباب الاستقامة والثبات على التوبة بعد الله تعالى، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، وقد قال الله تعالى: واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا. {الكهف: 28}
فعلى ذلك التائب أن يفتش عن هؤلاء الشباب، فيعبد الله معهم ويتعاون معهم على فعل الخيرات وطلب العلم النافع وأن يكثر من الأعمال الصالحة، قال تعالى: إن الحسنات يذهبن السيئات.{ هود: 114 }.
وقال تعالى: فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم.
3ـ استحضار مراقبة الله دائما، فهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وهو القائل جل جلاله: وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير. { الحديد : 4 }.
فاستح منه أن يراك على معصية.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها: 10800، 1208، 16610، 12744، 21743.
والله أعلم.