السؤال
لي سؤال لا يرتبط بتفسير الرؤى: رأيت في منامي زوجي ـ رحمة الله عليه ـ وهو راقد على سرير المرض وبحالة صحية وعافية وعندما رآني سعد جدا ووجهه استبشر عن اشتياق لي وقال لي أين أنت؟ فأنا دايما أنادي عليك وأسأل عنك.
وسؤالي هو: هل روح المتوفى تشتاق للأحياء وتسأل عنهم فعلا حتى ولو لم تذهب إليهم روح متوفى جديد؟ مع العلم أنني دائما في صلاتي أدعو الله أن يبعث سلامي ومحبتي لزوجي وأرجوه أن يكون زوجي راض عني، فهل صحيح أن روح الزوج عندما تستقبل روح ميت وافد إليهم في السماء، فإن أول سؤال تسأله لتلك الروح هل تزوجت زوجته أم لا؟.وشكرا جزيلا لهذا الموقع الرائع.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يحسن عزاءكم ويرحم ميتكم ويجمعكم به في الجنة، ونوصيكم بإكثار الدعاء والاستغفار وما أمكن من فعل الخير وإهداء ثوابه له.
وأما عن مسألة شوق الموتى للأحياء: فلا نعلم ما يدل عليه إلا أنه ذكر ابن القيم في كتابه الروح وابن أبي الدنيا ما يدل على فرحهم واستئناسهم بزيارة الأحياء، فقد قال ابن القيم: قال ابن عبد البر: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من مسلم يمر على قبر أخيه كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام.
قال ابن أبي الدنيا في كتاب القبور: باب معرفة الموتى بزيارة الأحياء: حدثنا يحيى بن يمان عن عبدالله بن سمعان عن زيد بن أسلم عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده إلا استأنس به ورد عليه حتى يقوم.
وأما عن تلاقي أرواح المؤمنين في البرزخ واستقبالهم لمن يأتي إليهم من بعدهم وسؤالهم إياهم عن أهل الدنيا فهو ثابت، كما في حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا احتضر المؤمن أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء فيقولون: اخرجي راضية مرضيا عنك إلى روح الله وريحان ورب غير غضبان ـ فتخرج كأطيب ريح المسك, حتى أنه ليناوله بعضهم بعضا, حتى يأتون به أرواح المؤمنين, فلهم أشد فرحا به من أحدكم بغائبه يقدم عليه, فيسألونه ماذا فعل فلان؟ ماذا فعل فلان؟ فيقولون: دعوه, فإنه كان في غم الدنيا, فإذا قال: أما أتاكم؟ قالوا: ذهب به إلى أمه الهاوية. رواه النسائي, وصححه الألباني.
وذكروا من ذلك سؤالهم له هل تزوجت فلانة؟ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قد جاءت الآثار بتلاقيهم وتساؤلهم كما روى ابن المبارك عن أبي أيوب الأنصاري: إذا قبضت نفس المؤمن تلقاها أهل الرحمة من عباد الله كما يتلقون البشير في الدنيا فيقبلون عليه ويسألونه ما فعل فلان وما فعلت فلانة هل تزوجت؟. اهـ.
وقال الألباني في الصحيحة بعد دراسة في شأن هذا الحديث: وبالجملة فالحديث صحيح كما قال السيوطي بهذه الشواهد، والله أعلم. اهـ.
وراجع الفتوى رقم: 132465
ثم إننا ننبه إلى أنه لا حرج على المرأة في أن تتزوج بعد وفاة زوجها إذا شاءت، فقد أخرج الطبراني عن جابر ـ رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب أم مبشر بنت البراء بن معرور, فقالت: إني شرطت لزوجي أن لا أتزوج بعده, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن هذا لا يصلح. والحديث حسن إسناده الحافظ ابن حجر في فتح الباري، وحسنه الألباني.
والله أعلم.