حكم الكلام الذي فيه تسخط على القدر

0 360

السؤال

هل في هذ الكلام كفر ـ لا سمح الله: يلعن أبو العسر؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه العبارة لا يكفر بها، ولكن العبارات المشتملة على شكوى وضجر وتسخط على قدر الله حرام، وينبغي للمسلم أن يكون بعيدا عن اللعن والسب، فقد روى البخاري عن أنس قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا لعانا ولا سبابا.
وفي الترمذي عن سالم بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يكون المؤمن لعانا.
وعن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء. أخرجه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح ـ وصححه الألباني.

ولهذا منع العلماء لعن كل شيء ليس أهلا للعن كالحيوانات والجمادات، لأن اللعنة إذا لم تصادف محلا رجعت على صاحبها، قال صاحب بريقة محمودية ـ بعد أن تحدث عن جواز لعن السارق والواصلة والمستوصلة وغيرهم ممن وردت السنة بلعنهم: ولا يجوز ـ يعني اللعن ـ لحيوان ولا جماد، وقد ورد التصريح عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن لعن الريح والبرغوث. انتهى.
وقال صاحب الزواجر: لعن جميع الحيوانات والجمادات كله مذموم.
والأصل في هذا حديث ابن عباس وفيه: لا تلعن الريح فإنها مأمورة، وأنه من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه. رواه أبو داود والترمذي، وقال الألباني في السلسلة: إنه صحيح.

وعلى المسلم عند تعسر أموره أن يصبر ويسأل الله ويأمل منه اليسر، فإن مع العسر يسرا، والعسر يعقبه اليسر، فقد قال الله عز وجل: فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا {الشرح:6-7}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا. رواه أحمد وغيره. وصححه الألباني.
وقال السخاوي ـ رحمه الله ـ في المقاصد الحسنة في الكلام على حديث: لن يغلب عسر يسرين: أخرجه الحاكم والبيهقي في الشعب من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن الحسن مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ذات يوم وهو يضحك وهو يقول وذكره بزيادة إن مع العسر يسرا، وهو عند الطبراني من طريق أبي ثور عن معمر، ورواه العسكري في الأمثال وأخرجه ابن مردويه من طريق عطية عن جابر موصولا وسنده ضعيف، وفي الباب عن ابن عباس من قوله ذكره الفراء عن الكلبي عن أبي صالح عنه، وعن ابن مسعود موقوفا أيضا أخرجه عبد الرزاق عن جعفر بن سليمان عن ميمون أبي حمزة عن إبراهيم عنه قال: لو كان العسر في جحر ضب لتبعه اليسر حتى يستخرجه، لن يغلب عسر يسرين ـ بل للطبراني عن ابن مسعود مرفوعا: لو دخل العسر جحرا لدخل اليسر حتى يخرجه فيغلبه فلا ينتظر الفقير إلا اليسر، ولا المبتلى إلا العافية، ولا المعافى إلا البلاء ـ ورواه ابن أبي الدنيا ومن طريقه البيهقي في الشعب من طريق شعبة بن معاوية بن قرة من محدثة عن ابن مسعود قال: لو أن العسر دخل في جحر لجاء اليسر حتى يدخل معه ثم قرأ إن مع العسر يسرا وكذا في الباب عن عمر موقوفا ذكره مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب بلغه أن أبا عبيدة حصر بالشام فذكر القصة وقال في الكتاب إليه ولن يغلب عسر يسرين ومن طريقه رواه الحاكم وهذا أصح طرقه وأخرجه ابن أبي الدنيا ومن طريقه البيهقي في الشعب من طريق عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه أن أبا عبيدة حصر فكتب إليه عمر يقول مهما ينزل بامرئ شدة يجعل الله بعدها فرجا وإنه لن يغلب عسر يسرين، والمقصود باليسرين في الخبر ما ورد في الآية قوله تعالى: فكرر العسر معرفا والمعرفة إذا تكررت لا تقتضي المغايرة إنما تقتضي نفس المعرفة السابقة، وكرر اليسر منكرا وإعادة النكرة تقتضي المغايرة كما يقول النحاة، قال سفيان بن عيينه إن مع ذلك العسر يسرا آخر، وأشار به إلى قول النحاة إن المعرفة إذا أعيدت معرفة تكون الثانية عين الأولى، والنكرة إذا أعيدت نكرة تكون غيرها. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات