السؤال
لماذا ينظر عالمنا الإسلامي إلى الفتاة التي أخطأت في حق ربها نظرة تختلف عن مثيلتها للشاب؟ علما بأنهما مشتركان في ذات الخطأ.
وأرجو إلقاء الضوء على الحكم الشرعي للزوج الذي ينكر أنه أخطأ قبل زواجه، وألا يعتبر ذلك غشا تماما كما يعتبر إنكار الفتاة لأي ذنب اقترفته قبل زواجها غشا؟
أرجو توضيح حكم الشرع في الحالتين.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه،،، أما بعد:
فإن التفريق بين الفتى والفتاة عند ارتكابهما للمحرم ليس من نظر الإسلام ولا من تعاليمه، فالإسلام لا يفرق بين مكلف ومكلف باعتبار ذكورة أو أنوثة أو لون أو جنس، أو غير ذلك.
ويتجلى ذلك في الحديث الذي يرويه أصحاب السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عبية الجاهلية، وفخرها بالآباء، مؤمن تقي وفاجر شقي أنتم بنو آدم، وآدم من تراب.... إلى آخر الحديث. وعبية الجاهلية هي (بضم العين والباء الموحدة المشددة، وفتح المثناة التحتية المشددة) والمراد بها: فخر الجاهلية وتكبرها ونحوها.
والله تبارك وتعالى يقول: الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة [النور:2]. ويقول: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما [المائدة:38].
والأمثلة من القرآن والسنة الدالة على أن المرأة والرجل لا فرق بينهما في التكاليف الشرعية ومقتضياتها في نظر الإسلام كثيرة.
وإذا تقرر هذا؛ فليعلم أن الحد إذا ثبت موجبه يقام على الرجل وعلى المرأة من دون تمييز ولا تفريق بينهما، وقد ثبت إقامة الحد على الرجل والمرأة معا في السنة العملية، فأقام صلى الله عليه وسلم حد الزنا على المرأة وعلى الرجل.
وكيف يفرق الإسلام بين الجنسين وهو دين العدل والقسط والإحسان قال تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان... [النحل: 90]. وقال تعالى: ...وأقسطوا إن الله يحب المقسطين [الحجرات:9].
أما بالنسبة لمن ارتكب المعصية قبل الزواج، سواء كان رجلا أو امرأة، فيجب عليه أولا أن يتوب إلى الله تعالى من تلك المعصية، وأن يعزم على أن لا يعود إليها أبدا، كما يجب عليه أن يستر على نفسه، ولا يذكر ذلك لأحد لا لزوج ولا لغيره، وهذا لا يعتبر غشا لا من الرجل ولا من المرأة، فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: من أصاب من هذه القاذورات شيئا، فليستتر بستر الله، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله. رواه الإمام مالك في الموطأ مرسلا عن زيد بن أسلم، ورواه الحاكم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
والله أعلم.