السؤال
هل إذا عاهد الإنسان ربه ـ بغض النظر عن الأسباب التي دفعته لذلك ـ على ألا يعود لمعصية ما وإذا عاد إليها فالعقاب دخول جهنم خالدا فيها ثم عاد الإنسان لتلك المعصية معتقدا عدم جواز هذا العهد من البداية يستحق هذا العقاب؟.
هل إذا عاهد الإنسان ربه ـ بغض النظر عن الأسباب التي دفعته لذلك ـ على ألا يعود لمعصية ما وإذا عاد إليها فالعقاب دخول جهنم خالدا فيها ثم عاد الإنسان لتلك المعصية معتقدا عدم جواز هذا العهد من البداية يستحق هذا العقاب؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المسلم أن يحرص على الوفاء بعهوده على العموم، وأهمها وأعظمها ما عاهد عليه الله، وخاصة إذا كان على ترك معصية، كما سبق بيانه بتفصيل أكثر في الفتوى رقم: 68610 .
وأما دعاء المسلم على نفسه بالنار فهو ممنوع في الأصل، ويخشى على من يدعو بذلك أن يستجاب له، لعموم حديث: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجاب لكم. رواه مسلم.
فظاهر الحديث يدل على أن الدعاء على النفس قد يوافق ساعة إجابة فيستجاب إلا أن الخلود في النار لا يحصل إن شاء الله للموحدين كما دلت عليه النصوص، وقد قال بعض أهل العلم: إن الدعاء على النفس من اللغو الذي لا اعتبار له ولا مؤاخذة به، جاء في تفسير البغوي وغيره: قال زيد بن أسلم: ومن اللغو دعاء الرجل على نفسه تقول لإنسان أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا وكذا، أخرجني الله من مالي إن لم آتك غدا، ويقول: هو كافر إن فعل كذا، فهذا كله لغو لا يؤاخذه الله به ولو آخذهم به لعجل لهم العقوبة، كما قال تعالى: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم ـ قال ابن عباس: هذا في قول الرجل عند الغضب لأهله وولده: لعنكم الله، ولا بارك الله فيكم، قال قتادة: هو دعاء الرجل على نفسه وأهله وماله بما يكره أن يستجاب. اهـ.
فننصحه على كل بصدق التوبة إلى الله مما سبق وبالالتجاء إلى الله تعالى وكثرة الدعاء والإلحاح فيه أن يصرف عنه السوء المحتمل حصوله, فإن الدعاء من أهم الأسباب التي يرد الله تعالى بها البلاء, كما يدل له دعاء القنوت في السنن وصحيح ابن حبان وفيه: وقنا شر ما قضيت.
وقد ثبت عند الترمذي والحاكم عن سلمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر. وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء. رواه الحاكم، وحسنه الألباني.
وفي الحديث: لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة. رواه الحاكم.
والله أعلم.