الذكر بقصد التحصن من الشيطان وملاحظة الموعود الدنيوي هل يتنافيان مع الإخلاص

0 273

السؤال

كيف لي أن أتحكم بنيتي؟ فمثلا: أنا كنت أقرأ أذكار الصباح والمساء؛ حتى أتحصن من الشيطان, ولكني سمعت أن الله لا يقبل الأعمال إلا إذا كانت لوجهه سبحانه وتعالى, فكيف لي أن أغير نيتي عندما أقرؤها؟ وعندما أريد شيئا بشدة أحافظ على الصلوات الخمس في أوقاتها, فكيف لي أن أصلي لوجه الله ليرضى عني فقط؟ وكيف أخلص النية له؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:

فقراءة الأذكار بنية التحصن من الشيطان لا تنافي الإخلاص؛ لأن هذا من الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان, والاستعاذة بالله تعالى عبادة من العبادات, وقد كان الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - يرغبون أقوامهم في الأذكار بذكر أنها تحفظ من الشيطان حتى ينشطوا، ومن ذلك ما جاء عن الحارث الأشعري - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بها, ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها... وجاء فيه: " وآمركم أن تذكروا الله, فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعا؛ حتى إذا أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم, كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان " رواه أحمد والترمذي, وكذا رغب نبينا عليه الصلاة والسلام في الذكر بالإخبار أنه حصن لصاحبه, فقال لأحد أصحابه: "قل قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء" رواه أبو داود, ورغب أيضا في بعض الأعمال الصالحة بذكر ثوابها الدنيوي, كما في حديث: " من أحب أن يبسط له في رزقه, وينسأ له في أثره فليصل رحمه " متفق عليه؛ ولذا ذكر أهل العلم أن ملاحظة الموعود الدنيوي عند القيام بالأعمال الصالحة لا تنافي الإخلاص, كما بيناه في الفتوى رقم: 55788, والفتوى رقم: 70340, والأكمل أن تضيف إلى تلك النية نية الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وطاعته, ونية ذكر الله تعالى للحصول على ما وعد الله به الذاكرين في قوله: {والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما} الأحزاب: 35, كما أن المحافظة على الصلوات إن كنت تفعلها تقربا لله, مع رجاء مطلوب دنيوي, فالحكم فيها كما ذكر، وأما إن كنت تفعلها لأجل الحصول على أمر دنيوي فقط من غير نية التقرب إلى الله وطاعته, فإن تلك النية تعتبر فاسدة, وعملا من أجل الدنيا, وقد قال تعالى: " من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون (15) أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون " هود : 15 و 16, قال ابن كثير: من عمل صالحا التماس الدنيا، صوما أو صلاة أو تهجدا بالليل، لا يعمله إلا التماس الدنيا، يقول الله: أوفيه الذي التمس في الدنيا من المثابة، وحبط عمله الذي كان يعمله التماس الدنيا، وهو في الآخرة من الخاسرين, وهكذا روي عن مجاهد، والضحاك، وغير واحد. اهــ
ويدل على ذلك أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم: " فمن عمل عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب " رواه أحمد وابن حبان في صحيحه, والحاكم والبيهقي, وصححه الألباني, وقد جعل أهل العلم عمل الصالحات لالتماس الدنيا من الشرك, وقالوا: إن من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا, فيجب عليك - أخي السائل - أن تحافظ على الصلاة طاعة لله تعالى, وقياما بأمره, وبهذا يتحقق لك الإخلاص لله تعالى, ولا بأس بعد ذلك أن تلاحظ حصول الفرج والمطلوب فيما ترجوه من أمر الدنيا؛ لأن الله وعد المتقين باليسر, فقال: " ... ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا " الطلاق : 4.

والله أعلم.
 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات