السؤال
أصبت بمرض التصلب العصبي المتعدد، وهذا المرض جعلني عصبية جدا لدرجة أنني أحيانا أتطاول على أمي وأبي، وطبيعة المرض جعلتني أغضب بسرعة ولا أحتمل أحدا، وأحيانا بمجرد أن أرى أحدا يمشي أمامي أغضب، فهل أنا مذنبة؟ وهل سيعاقبني ربي على هذا؟.
أصبت بمرض التصلب العصبي المتعدد، وهذا المرض جعلني عصبية جدا لدرجة أنني أحيانا أتطاول على أمي وأبي، وطبيعة المرض جعلتني أغضب بسرعة ولا أحتمل أحدا، وأحيانا بمجرد أن أرى أحدا يمشي أمامي أغضب، فهل أنا مذنبة؟ وهل سيعاقبني ربي على هذا؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عن حصول الإثم بما يصدر منك في حال الغضب: فخلاصة الحكم في ذلك: أنه إذا لم يبلغ بك الغضب حد الإغلاق ـ وهو أن لا يدرك الإنسان ما يقول أو يفعل ـ فإن أحكام التكليف تبقي منسحبة عليك، فإذا تكلمت بما فيه الإثم أثمت، ويزداد الإثم شناعة إذا كان ذلك تجاه الوالدين، جاء في الموسوعة: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الغضبان مكلف في حال غضبه، ويؤاخذ بما يصدر عنه من كفر، وقتل نفس، وأخذ مال بغير حق، وطلاق، وغير ذلك من عتاق ويمين. اهـ
وقد سئل ابن عثيمين: هل الشخص الذي يرفع صوته على والديه في وقت الغضب الشديد ثم بعد الهدوء من ذلك الغضب يندم على ذلك الفعل أشد الندم هل يعتبر هذا من عقوق الوالدين؟ فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان الإنسان لا يملك نفسه حال الغضب حتى رفع صوته على أبيه أو أمه فإنه لا يؤاخذ بهذا، لكن عليه إذا زال الغضب أن يتحلل من والديه وعلى والديه أن يقدرا هذه الحال وأن يحللاه لا سيما إذا جاء معتذرا. اهـ
وراجعي الفتوى رقم: 28028. وراجعي أيضا الفتوى رقم: 162717، وهي في الإساءة إلى الأبوين.
وأما ما ذكرت مما قد يحدث لك من الغضب عند رؤية الأشخاص: فلا إثم في ذلك طالما أنه مجرد وسوسة صدر لا تشفع بقول أو عمل، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم. رواه البخاري ومسلم.
هذا، ومن نفيس ما قيل في دفع الغضب ما قال الغزالي في الإحياء: وعلى الإنسان في الغضب وظيفتان:
إحداهما: كسره بالرياضة وليس المراد إماطته، فإن أصله لا يزول، بل لا ينبغي أن يزول فإنه آلة رفع المنكرات وهو كلبك الصائد، وإنما رياضته في تأديبه حتى ينقاد للعقل.
الثانية: ضبطه عند الهيجان فيستحضر أن غضب الله عليه أعظم من غضبه وأن فضله أكبر، وكم عصاه وتجانب أمره فلم يغضب عليه. اهـ
والله أعلم.