السؤال
هل ينطبق علي اتباع الهوى إذا كنت أكره الغناء بطبعي ولا أسمعه؟ وهل أنا حينئذ أتبع الهوى؟ أم أنني أثاب لبعدي عن ما حرم الله بغض النظر عن سبب هذا البعد؟.
هل ينطبق علي اتباع الهوى إذا كنت أكره الغناء بطبعي ولا أسمعه؟ وهل أنا حينئذ أتبع الهوى؟ أم أنني أثاب لبعدي عن ما حرم الله بغض النظر عن سبب هذا البعد؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجاب عن هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالة خاصة ضمن جامع المسائل: لمحمد عزير شمس، حيث قال: فصل فيما إذا كان في العبد محبة لما هو خير وحق ومحمود في نفسه، فهو يفعله لما فيه من المحبة له، لا لله، ولا لغيره من الشركاء، مثل أن يحب الإحسان إلى ذوي الحاجات، ويحب العفو عن أهل الجنايات، ويحب العلم والمعرفة وإدراك الحقائق ويحب الصدق والوفاء بالعهد وأداء الأمانة وصلة الرحم، فإن هذا كثير غالب في الخلق في جاهليتهم وإسلامهم، في قوتي النفس العلمية والعملية، فإن أكثر طلاب العلم يطلبونه محبة، ولهذا قال أبو داود للإمام أحمد بن حنبل: طلبت هذا العلم ـ أو قال: جمعته لله؟ فقال: لله عزيز، ولكن حبب إلي أمر ففعلته ـ وهذا حال أكثر النفوس، فإن الله خلق فيها محبة للمعرفة والعلم وإدراك الحقائق، وقد يخلق فيها محبة للصدق والعدل والوفاء بالعهد، ويخلق فيها محبة للإحسان والرحمة للناس، فهو يفعل هذه الأمور: لا يتقرب بها إلى أحد من الخلق، ولا يطلب مدح أحد ولا خوفا من ذمه، بل لأن هذه الإدراكات والحركات يتنعم بها الحي ويلتذ بها، ويجد بها فرحا وسرورا، كما يلتذ بمجرد سماع الأصوات الحسنة، وبمجرد رؤية الأشياء البهجة، وبمجرد الرائحة الطيبة.......إلى أن قال مبينا الحكم: ومن فعل هذه الأمور لأجل هذه المحبة لم يكن مذموما ولا معاقبا، ولا يقال إن هذا عمله لغير الله، فيكون بمنزلة المرائي والمشرك، فذاك هو الشرك المذموم، وأما من فعلها لمجرد المحبة الفطرية فليس بمشرك ولا هو أيضا متقربا بها إلى الله، حتى يستحق عليها ثواب من عمل لله وعبده، بل قد يثيبه عليها بأنواع من الثواب: إما بزيادة فيها في أمثالها، فيتنعم بذلك في الدنيا.... انتهى.
وعليه، فلا عقاب عليك، ولا ثواب، وإن كانت هذه نعمة يمكن للعبد أن يستعين بها على طاعته، وأما الترك الذي يؤجر عليه العبد، فهو ما تركه لله.
وراجع الفتويين رقم: 16553، ورقم: 56908.
والله أعلم.