لماذا لم يذكر الله عذاب القبر وضمته في القرآن؟

0 447

السؤال

هناك من يعتقد أنه لا يوجد عذاب في القبر, ولا ضمة القبر, ويحتجون على ذلك بأن الروح تغادر الجسد حال الموت، فلا حياة, ولا ألم, ولا شيء سوى السبات البرزخي, إلى أن يأذن الله تعالى، فإذا ذكرناهم بالأحاديث التي تدل على أن عذاب القبر حقيقة احتجوا بأن القرآن كتاب الله أولى بالتصديق، فلماذا لم يذكر الله عذاب القبر, وضمة القبر في القرآن, بينما ذكر عذاب النار, والحساب, وغيره؟ مع احتمالية افتراء بعض الناس في الأحاديث, ونسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم دون علم, فأفيدوني - بارك الله فيكم -.

الإجابــة

الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن القرآن لم يأت فيه تفصيل جميع العقائد والأحكام، وما دام الأمر ثبت في الأحاديث: فلا يتوقف ثبوت اعتقاده على وروده في القرآن، فإن الأصل أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وحي منزل من عند الله تعالى، كما قال الله تعالى: وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي {النجم:3 ، 4}.

وفي الحديث: ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه.

وقال شيخ الإسلام: قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي: كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن، قال الله تعالى: إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما ـ وقال تعالى: وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ـ وقال تعالى: وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ـ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه ـ يعني السنة، والسنة أيضا تنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآن، لا أنها تتلى كما يتلى. انتهى.

وقال الزركشي في البحر المحيط: ونص الشافعي في الرسالة على أن السنة منزلة كالقرآن, محتجا بقوله تعالى: واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة {الأحزاب: 34} فذكر السنة بلفظ التلاوة كالقرآن، وبين سبحانه أنه آتاه مع الكتاب غير الكتاب، وهو ما سنه على لسانه مما لم يذكره فيه؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ألا إني قد أوتيت الكتاب ومثله معه ـ رواه أبو داود. انتهى.

ثم إنه قد سبق أن أصدرنا فتاوى في إثبات عذاب القبر ونعيمه، وفيها الكثير من الأدلة من كتاب الله تعالى والأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فانظر على سبيل المثال الفتاوى التالية أرقامها: 16778، 2112، 15209.

وأما المكذب بعذاب القبر ونعيمه ومنكره: فإنه ضال منحرف، وهو على خطر عظيم؛ لأنه ينكر ويكذب ما دلت عليه الأدلة من كتاب الله تعالى, وما دلت عليه الأحاديث المتواترة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال الشيخ عبد الرحمن بن جبرين في بحثه المنشور في مجلة البحوث الإسلامية التي تصدرها الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء الجزء رقم: 17ـ الصفحة رقم: 126ـ في صدد الحديث عن نواقض الشهادتين: إنكار شيء من الأمور الغيبية التي أمر الله بالإيمان بها, وأخبر بثبوتها وأحقيتها في كتابه, وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، كالملائكة, والكتب, والرسائل, والبعث بعد الموت, وحشر الأجساد, والجنة والنار، وكذا عذاب القبر ونعيمه, ونحو ذلك، فإن من جحد منها شيئا فقد كذب الله, وكذب رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك أكبر الطعن في الرسالة, وما اشتملت عليه، فهو يخالف ما تستلزمه الشهادتان.

وأما الاحتجاج بأن الروح تغادر الجسد حال الموت؛ فلا حياة, ولا ألم, ولا شيء سوى السبات البرزخي: فهذا يرده ما ثبت في الحديث أنها تعاد إليه, كما في حديث البراء الذي رواه أحمد وغيره, وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فتعاد روحه في جسده، فيأتيه ملكان فيجلسانه، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله، فيقولان له: وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت. الحديث، وهذا الحديث صححه الأرناؤوط, والألباني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة