الفرق بين حديث النفس وعمل القلب في المؤاخذة بهما وعدمها

0 245

السؤال

كيف لا يحاسب الله عباده على ما يدور بداخل أنفسهم، ولا يقولونه، ومع ذلك يحاسبهم على الغل، والحقد، والكره، والرياء مع أنه من الممكن أن يكمن في نفس الإنسان ولا يقوله أبدا لأي شخص؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمعفو عنه من حديث النفس هو ما يتردد فيها، ويرد عليها بغير اختيار، ما لم يستقر ويستمر عليه صاحبه؛ لأنه لا اختيار له فيه، ولا انفكاك له عنه. بخلاف الهم والعزم المستقر في القلب، وكذلك كل أعمال القلوب يؤاخذ عليها في الخير والشر، كالحب والبغض، والخوف والرجاء والتوكل، والحقد والغل والرياء. ولا يخفى أن مجرد حديث النفس لا يعتبر عملا ما لم يعزم صاحبه على العمل به؛ وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 22623، 80476، 99569.

 وقال الحافظ ابن رجب في (جامع العلوم والحكم): هل يعاقب على ما هم به من المعصية، أم لا؟ هذا على قسمين:

ـ أحدهما: أن يكون الهم بالمعصية خاطرا خطر، ولم يساكنه صاحبه، ولم يعقد قلبه عليه، بل كرهه ونفر منه، فهو معفو عنه ... .
ـالقسم الثاني: العزائم المصممة التي تقع في النفوس وتدوم، ويساكنها صاحبها، فهذا أيضا نوعان:

ـ أحدهما: ما كان عملا مستقلا بنفسه من أعمال القلوب، كالشك في الوحدانية، أو النبوة، أو البعث، أو غير ذلك من الكفر والنفاق، أو اعتقاد تكذيب ذلك، فهذا كله يعاقب عليه العبد، ويصير بذلك كافرا ومنافقا ... ويلحق بهذا القسم سائر المعاصي المتعلقة بالقلوب، كمحبة ما يبغضه الله، وبغض ما يحبه الله، والكبر، والعجب، والحسد، وسوء الظن بالمسلم من غير موجب ... .

ـ والنوع الثاني: ما لم يكن من أعمال القلوب، بل كان من أعمال الجوارح، كالزنا، والسرقة، وشرب الخمر، والقتل، والقذف، ونحو ذلك، إذا أصر العبد على إرادة ذلك، والعزم عليه، ولم يظهر له أثر في الخارج أصلا. فهذا في المؤاخذة به قولان مشهوران للعلماء ... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات