السؤال
هل يجوز لي إعطاء والدي بطاقتي للاكتتاب في شركة مسيعيد؟ مع العلم أن بعض المشايخ قد أحل الاكتتاب، والبعض الآخر قد حرم، وأنا لا أريد الاكتتاب بسبب اختلاف أهل العلم، وبناء على ذلك طلب والدي إعطاءه البطاقة؛ لأنه سوف يكتتب بها، فهل يجوز إعطاؤه أم سأعتبر مشاركة في الإثم؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت لا تريدين الاكتتاب في الشركة المذكورة؛ لما ترينه من اختلاف العلماء فيه: فهذا منك ورع عن الشبهات، والورع محمود مطلوب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه، وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام. متفق عليه.
ولما ورد في سنن النسائي، والترمذي بإسناد صحيح، عن الحسن بن علي - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
وينبغي نصح والدك بالورع، لكن إذا أصر على رأيه، وطلب منك البطاقة للاكتتاب، فتلبية طلبه هذا يدخل في طاعة الوالدين في الشبهات، وقد ذكر بعض أهل العلم أن أكثر العلماء على وجوبها، قال القرافي في الفروق: نقلا عن الغزالي: إنه ينبغي أن يقدم طاعة الوالدين في تناول المتشابهات، على التورع عنها مع عدم طاعتهما، فإن تناول المتشابهات للنفس فيها حظ، فإذا كان فيها اشتباه طلب التورع عنها، وكره تناولها لأجله، فإن كان في تناولها رضى الوالدين، رجح جانب الحظ هنا، بسبب ما هو أشد في الكراهية، وهو مخالفة الوالدين.
وقال الغزالي في الإحياء: أكثر العلماء على أن طاعة الأبوين واجبة في الشبهات، وإن لم تجب في الحرام المحض، حتى إذا كانا يتنغصان بانفرادك عنهما بالطعام، فعليك أن تأكل معهما؛ لأن ترك الشبهة ورع، ورضا الوالدين حتم.
وقال الخادمي في كتابه: بريقة محمودية: إذا أمراه أطاعهما ما لم يؤمر بالمعصية، وأما في الشبهات فاختلف، فالأكثر الإطاعة؛ لأن ترك الشبهة ورع، ورضا الوالدين حتم. اهـ
والله أعلم.