السؤال
ما حكم الأم التي تفضل أهلها على أبنائها؟ تربيت وأمي تفضل أهلها وأبناء أخواتها علي أنا وأخي، وكلما حدث موقف أجدها تقف بجانب الأهل ضدي وكأنني عدوتها، ودائما تفضل أهلها، سألتها كي تساعدني لأتدرب في البنك الذي تعمل فيه فرفضت بشدة، وبعد فترة فوجئت أن بنت أختها تتدرب وتعمل بالبنك وهي من ساعدتها، ولم تخبرني بذلك، وقد حاولت التقرب منها، ولكنني في الغالب لا أجد استجابة منها، ورغم ذلك أحاول أن أبرها، ولكنني أحيانا لا أستطيع، ولا أعرف ماذا أفعل؟ تحدثت كثيرا إليها دون جدوى، وهذا الموضوع أصابني بحالة اكتئاب شديدة وضيق، خاصة أنني كبرت في العمر، ولم أتزوج، ولم أجد عملا مناسبا، وأموري متعسرة، ولم أعد أحتمل الضغط على نفسيا أو جسميا؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن الأصل شفقة الأم على أبنائها وحرصها على مصلحتهم، وهذا أمر مركوز في فطرتها، ولذا فمن الغريب ما تذكرين عن أمك في تعاملها معكم، ومن أولى ما نوصي به الصبر عليها، فإن الصبر من أفضل ما يتسلى به المؤمن عند حلول البلاء، فعاقبته خير، وراجعي في فضله الفتوى رقم: 18103.
واحرصي على دفع كل سيئة ترد عليك منها بالحسنة، فذلك من أسباب تغيير الأحوال، قال تعالى: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم {فصلت:34}.
قال ابن كثير: وقوله: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ـ أي: فرق عظيم بين هذه وهذه: ادفع بالتي هي أحسن ـ أي: من أساء إليك فادفعه عنك بالإحسان إليه، كما قال عمر ـ رضي الله عنه: ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه ـ وقوله: فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ـ وهو الصديق، أي: إذا أحسنت إلى من أساء إليك قادته تلك الحسنة إليه إلى مصافاتك ومحبتك، والحنو عليك، حتى يصير كأنه ولي لك حميم أي: قريب إليك من الشفقة عليك والإحسان إليك. اهـ.
وعليك أيضا بالدعاء لها بأن يلهمها ربها الرشد والصواب، فإن القلوب بيد علام الغيوب، والدعاء يحقق به المسلم ما لا يخطر له على بال، والرب عز وجل قد أمر بالدعاء ووعد بالإجابة في قوله تعالى: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين {غافر:60}.
وانظري الفتوى رقم: 119608، ففيها آداب الدعاء.
وقد أحسنت بحرصك على برها، وهو واجب عليك مهما قصرت في حقك، وكوني على حذر من التقصير في حقها أو الإساءة إليها بأي إساءة ولو قلت، فتقعين بذلك في العقوق فتخسرين دنياك وأخراك، وراجعي الفتوى رقم: 17754.
ولعل الله سبحانه يفتح لك بسبب هذا البر من الخير ما لا يخطر لك على بال، ونؤكد على أمر الدعاء، وكذلك التقوى لتحقيق المبتغى، فمن خلالهما يمكنك أن تحصلي على وظيفة أو على زوج صالح، قال تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب {الطلاق:3 ـ2}.
واجتهدي في البحث عن زوج صالح، فقد يكون سببا في سعادتك وإخراجك من هذا البلاء، وراجعي الفتوى رقم: 18430.
والله أعلم.