السؤال
لدي صديق ينضم لحزب التحرير، فقلت له إن حزب التحرير ينكر عذاب القبر، فقال لي لا، الحزب لا ينكره، بل لا يعتبره جزءا من العقيدة، فهل يوجد فرق بين من ينكر عذاب القبر ومن لا يعتبره جزءا من العقيدة؟.
لدي صديق ينضم لحزب التحرير، فقلت له إن حزب التحرير ينكر عذاب القبر، فقال لي لا، الحزب لا ينكره، بل لا يعتبره جزءا من العقيدة، فهل يوجد فرق بين من ينكر عذاب القبر ومن لا يعتبره جزءا من العقيدة؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اعتبر مؤسس حزب التحرير أدلة ثبوت عذاب القبر أدلة ظنية الثبوت، من الظن المنهي عن اتباعه! ويحرم عنده اعتقاد مدلول هذه الأدلة الظنية، لكن يجوز تصديقه، هكذا قرر ذلك في كتاب الدوسية، فقال : يجب أن يعلم أن الحرام هو الاعتقاد وليس مجرد التصديق، فالتصديق لا شيء فيه، وهو مباح، ولكن الجزم هو الحرام، لأنه جزم مبني على ظن، ولذم الله لمن بنى عقيدته على الظن، إلا أن عدم الاعتقاد لا يعني الإنكار، وإنما يعني فقط عدم الجزم. اهـ.
وكأن التصديق عنده لا يبلغ حد الإيمان الواجب! ولا يخفى ما في هذا الكلام من الاضطراب، فإن جواز التصديق يقتضي جواز التكذيب أيضا، والتكذيب لا يختلف عن الإنكار!!! ثم إن هذا المذهب لا يستقيم حتى على أصول مؤسس الحزب نفسه حيث قال في كتابه الشخصية الإسلامية: وحكم الخبر المتواتر أنه يفيد العلم الضروري... والخبر المتواتر قسمان: متواتر لفظا... ومتواتر معنى، كأن يتفق الناقلون على أمر في وقائع مختلفة. اهـ.
وعذاب القبر ونعيمه لا ينزل عن هذه الدرجة، فأدلته متواترة، وقد جمع منها الإمام البيهقي طائفة كثيرة في كتابه: إثبات عذاب القبر وسؤال الملكين ـ وذكر الكتاني في نظم المتناثر من الحديث المتواتر سؤال الملكين في القبر، من حديث ثمانية وعشرين صحابيا، وعذاب القبر ونعيمه من حديث اثنين وثلاثين صحابيا، وذكر نصوص أهل العلم المثبت لتواتر ذلك، وقد سبق لنا بيان بعض أدلته والنص على تواترها وحكم منكرها، في الفتاوى التالية أرقامها: 2112، 58302، 229468.
وللوقوف على الآراء الاعتقادية لحزب التحرير في هذه المسألة وغيرها من المسائل يمكن الرجوع لرسالة الدكتوراه للدكتور موسى السلمي: حزب التحرير وآراؤه الاعتقادية عرضا ونقدا ـ كما تمكن الاستفادة من كتاب: قراءات في فكر حزب التحرير، للأستاذ جواد النتشة، وكتاب: حزب التحرير مناقشة علمية لأهم مبادئ الحزب، للشيخ عبدالرحمن دمشقية وراجع للفائدة الفتوى رقم: 34834.
والله أعلم.