السؤال
منذ كان عمري ستة شهور، دخل أبي السجن بتهمة القتل غير المتعمد، وطلبت أمي الطلاق، وبعدها كانت أمي تعمل خارج البلاد، وكانت تتركني مع والديها، وترجع مرة كل سنة، إلى أن أصبح عمري أربع سنوات؛ فذهبت، ولم تعد، وبحثنا عنها في كل مكان دون جدوى، وبعدها بسنتين خرج أبي من السجن، وكنت قد قمت بزيارته مرتين في السجن، وأنا صغيرة، لكن عند خروجه لم يسأل عني، لا هو، ولا أحد من أهله، إلى أن بلغت السادسة عشرة من عمري، فجاء أهله لأخذي، وذهبت معهم، وكان استقبالا رائعا، وبعدها بيوم بدأ أبي بتعذيبي، وضربي بوحشية لا يمكن وصفها لمجرد أنه كان يشك في عذريتي، مع الرغم أنني قلت له عدة مرات: إنني مستعدة للكشف عند الطبيب، ولم يبال، وحبسني في غرفته، وكل يوم كنت أستفيق على تلمسه لجسمي في مناطق حساسة، ومنذ ذلك اليوم لم أعد أنام في الليل، وأنام في النهار بحجة أني أحب مشاهدة التلفاز، وحاولت مرارا أن أقنعه بأن أنام بجانب جدتي دون جدوى، ويقول لي: لولا إصراري لرؤيتك لما رأيتك؛ لأنه لا أحد من أهله يحبني، وكل أهل البيت كان يخاف منه، وقد مللت تحرشه الجنسي، فأقنعت جدتي بأن تأخذني لزيارة أهل أمي، بعد سجني عنده مدة ثلاثة أشهر، فوافق، ومن يومها لم أزره، ومكثت عند أهل أمي، وبعد سنة تزوجت، ولم أخبر أبي؛ لأنه هددني بالقتل، وبينما أنا متزوجة جاء لزيارتي لأول مرة، وحاول اختطافي لولا علم جدي- رحمه الله- بمكيدته، وبعدها ذهبت إلى فرنسا للعيش قرب زوجي، وكلما سمعت فتاوى عن صلة الرحم يؤنبني ضميري، وأجد مبررات نفسية لأفعاله، وأحس بالتقصير؛ وذات يوم بحثت عنه، واتصلت به، فقال لي: أنا ليس عندي أولاد، فلا تتصلي بي مجددا مع السب، والشتم، وأريد أن أعرف ماذا عساي أن أفعل؟ وأمي بحثت عنها في كل مكان بعد غياب دام 17سنة، وعندما وجدتها أقرت لي أنها تركتني من أجل حريتها، والاستمتاع بشبابها فقط، وأنا الآن أم، واستغربت لأمرها، فلولا شبهي الكبير بها لكنت شككت في أمرها؛ وتعذبت كثيرا من حرمان الأم، ووالله العظيم عندما كان عمري 5 سنوات، كنت أقسم طعامي، وأخبئه لها في غرفتي، وأقول: هذا لأمي حين تأتي، وأنا الآن ذاهبة في زيارة لبلدي -إن شاء الله- وهي بالتأكيد ستكون بانتظاري، وكل الحب الذي كنت أكنه لها تحول إلى كراهية، وكل ما قرأت وصية الرسول عليه الصلاة والسلام: أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك، أخاف أكثر، وأضيع أكثر، فالتي قامت بدور الأمومة هي جدتي -أي أمها-، فالمرجو منكم المساعدة، ماذا يجب أن أفعل، وأنا أعرف أنني لا أقدر على حبها، وتمنيت عدم البحث عنها؟ ولطالما لقبوني بيتيمة الأحياء.