السؤال
أرجو الرد على هذه الرسالة بالذات وليس ردا عاما، لأن الفتاوى العامة لم تقنعه بعدم شرعية مقاطعته لأخته: يقاطع بعض إخوته ويغلق في وجه أخته الهاتف ويمنع زوجته من الاتصال بها، لأنه يقول إنها تسببت في أذيته عدة مرات، ومن أمثلة ما يقول:
1ـ إنها كانت منحازة لأخيهم الذي أجر شقة أبيهم المتوفى وكانوا يوزعون على أنفسهم الإيجار دون أن يعطوه منه، وحجتهم في ذلك أنه أخذ سيارة والدتهم المتوفاة ينتفع بها وحده انتفاعا كاملا بالرغم من أنها سيارة ماركة ـ فيات ـ قديمة وقد أنفق عليها من جيبه الكثير من الإصلاحات والتحديث.
2ـ يرى أنها وفي طريقهم لمقابلة أخيهم الآخر الذي سينزل فقط في المطار, نزل يتحدث مع سائق مايكروبص مشاكس، ولما رأته تأخر بعض الوقت انطلقت بالسيارة إلى المطار ولم تهتم إذا كان سائق المايكروباص من الممكن أن ينفرد به ويؤذيه.
3 ـ يرى أن أخاهم هذا الذي انحازت إليه الأخت دائما يحب الاستحواذ على ما يستطيع من ممتلكات حتى وإن خدع الآخرين.
نود أن يبر والديه بعد وفاتهما بصلته لإخوته عسى الله أن يكفر بذلك حزنا تسبب فيه لوالدته قبيل وفاتها مباشرة، وتخاف الزوجة أن ترى آثار هذا في أبنائهم، فما رأي الشرع في كل ذلك؟ وكيف يتعامل معهم بما لا يخالف الشرع؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قطيعة الرحم من كبائر الذنوب، والقاطع متوعد بالوعيد الشديد، فعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم، فقالت: هذا مقام العائذ من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذاك لك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرءوا إن شئتم: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم، أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها. متفق عليه.
وعن جبير بن مطعم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يدخل الجنة قاطع. متفق عليه.
وإساءة الإخوة ـ إن حصلت ـ لا تبيح قطيعتهم، ولا يسقط حقهم في الصلة، فإن صلة الرحم ليست مكافأة، قال صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، إنما الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. أخرجه البخاري.
فعلى الزوجة مناصحة زوجها القاطع، وترهيبه من مغبة قطيعة الرحم، وينبغي أن تبذل ما تستطيعه للإصلاح بينه وبين إخوته، وتحسين صورة إخوته لديه.
وإن سلف من إخوته غصب لحقه، فإن لم يعف عنه لله فله أن يأخذ حقه بالوسائل الممكنة، إلا أن ذلك لا يسوغ له قطيعة إخوته، وكذلك لتسع الزوجة في عزل أبنائها عن هذا النزاع، وأن تغرس في قلوبهم تعظيم حق أعمامهم، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 66723.
والله أعلم.