السؤال
هل سيتزوج المؤمن من الحور العين طالما مات وهو في نعيم القبر؟ أم أن الحور العين بعد يوم القيامة ودخول الجنة؟ وما حقيقة التعارض بين أن الزوجة لآخر أزواجها في الدنيا، وأنها لأحسنهم خلقا؟
وبوركتم, ونفع بكم المولى -جل وعلا-.
هل سيتزوج المؤمن من الحور العين طالما مات وهو في نعيم القبر؟ أم أن الحور العين بعد يوم القيامة ودخول الجنة؟ وما حقيقة التعارض بين أن الزوجة لآخر أزواجها في الدنيا، وأنها لأحسنهم خلقا؟
وبوركتم, ونفع بكم المولى -جل وعلا-.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المؤمن في قبره ينعم، ويرى مكانه من الجنة، لكن لا يعجل له نعيم الجنة في البرزخ (إلا أن يكون شهيدا)، ففي حديث البراء -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "..... ثم يفتح له باب من الجنة، وباب من النار، فيقال: هذا كان منزلك لو عصيت الله، أبدلك الله به هذا، فإذا رأى ما في الجنة قال: رب عجل قيام الساعة كيما أرجع إلى أهلي ومالي، فيقال له: اسكن." مسند أحمد (30/ 577).
وجاء في حاشية السيوطي على سنن النسائي: "ولا يتعجل الأكل والنعيم لأحد إلا للشهيد في سبيل الله بإجماع من الأمة. حكاه القاضي أبو بكر بن العربي في شرح الترمذي." .
وأما بخصوص التعارض بين ما روي أن المرأة تكون في الجنة لآخر أزواجها، وما روي أنها تكون لأحسنهم خلقا: فقد جمع بينهما بعض العلماء بحمل كل حديث على حال مخالف للآخر، قال الهيتمي -رحمه الله-: "فإن قلت: هذان الحديثان عن أم حبيبة وأم سلمة يخالفان حديث أبي الدرداء -رضي الله عنهم-. قلت: لا مخالفة, لإمكان الجمع بينهما بأن يحمل الأول على من ماتت في عصمة زوج, وقد كانت تزوجت قبله بأزواج فهذه لآخرهم، وكذا لو مات واستمرت بلا زوج إلى أن ماتت فتكون لآخرهم, لأن علقته بها لم يقطعها شيء، وحمل الثاني على من تزوجت بأزواج ثم طلقوها كلهم, فحينئذ تخير بينهم يوم القيامة, فتختار أحسنهم خلقا, والتخيير هنا واضح لانقطاع عصمة كل منهم، فلم يكن لأحد منهم مرجح لاستوائهم في وقوع علقة لكل منهم بها مع انقطاعها, فاتجه التخيير حينئذ لعدم المرجح" الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي (ص: 36)
والله أعلم.