السؤال
أنا شاب عمري 21 سنة أعيش في القاهرة فعلت ذنوبا كثيرة من قبل حتى أنني زنيت مرات كثيرة والآن تبت إلى الله لكن في كل وقت تأتيني الهواجس وأتذكر ذنوبي التي فعلت من قبل حتى وأنا في الصلاة يا إخواني هل علي ذنب علما بأني كذلك أصوم لله أنتظر إجابتكم إن شاء الله؟ أخوكم يحبكم في الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم -أخي الحبيب-أن الإنسان ما دام يعيش في هذه الحياة فهو في صراع مع نفسه وشيطانه، قال الله تعالى: إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم [يوسف:53]. وقال جل وعلا حاكيا عن اللعين : قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين* إلا عبادك منهم المخلصين [ص:83]. وما يعرض لك من هذه الهواجس فهو من قبل النفس الأمارة أو الشيطان اللعين، أو من كليهما.
أما النفس فإن لها خطرا عظيما على المرء، إذا لم يستوقفها عند حدها ويلجمها بلجام التقوى والخوف من الله، ويأطرها على الحق أطرا ضلت وجمحت وفسدت أعظم الفساد وقادت صاحبها إلى الهلاك، ولا ينجو المسلم من شر هذه النفس إلا بمجاهدتها على الدوام، قال الله تعالى: وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى* فإن الجنة هي المأوى [النازعـات:41]. وقد بينا سبل ذلك في الفتوى رقم: 18074.
وأما الشيطان فهو دائب السعي لإضلال الإنسان لا يترك في سبيل ذلك طريقا ممكنا إلا سلكه، قال الله تعالى حاكيا عن اللعين: قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم* ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين [الأعراف:16-17].
واعلم أن مثال القلب مثال الحصن، والشيطان عدو يريد أن يدخل الحصن فيملكه ويستولي عليه، وطريقه إلى ذلك إثارة الوساوس والهواجس، فلا تتوصل لحماية قلبك إلا بمجاهدة وساوسه ودفع ما يلقيه، وقد بينا طرفا من طرق مجاهدة الشيطان في الفتوى رقم: 10973، وننصحك بقراءة كتاب "إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان" للعلامة ابن قيم الجوزية.
وهذه الهواجس التي تطرأ عليك لا تؤاخذ بها ما لم تتكلم أو تعمل بمقتضاها، وانظر للتفصيل الفتوى رقم: 8685.
واعلم أن ضرر الذنوب والمعاصي عظيم، فكل بلاء الدنيا وعذاب الآخرة إنما سببه الذنوب والمعاصي، تذهب لذات المعاصي وتبقى حسراتها، كما قيل:
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها === من الحرام ويبقى الإثم والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها === لا خير في لذة من بعدها النار
نعم والله لا خير في لذة من بعدها النار، فاحذر من ذلك كل الحذر، ونسأل الله لنا ولك الهداية والثبات، وراجع الفتوى رقم: 18607.
والله أعلم.