السؤال
أعيش في منزل جدتي، ونجتمع في منزلنا في الأعياد فقط، وبعض العطل. مؤخرا حصلت مشكلة مع أحد إخوتي الذي بقي يسكن مع زوجته، وبناته، بعد أن سبت إحدى بناته أمي المتوفاة، ولم يحرك ساكنا، فنهضت، وضربتها، وقررت ألا أزورهم أبدا، وهو يتصل بي، ويقول لي: ما الذي تغير، لم تعد كما كنت؟ أحس بتغيرك، وأنا أبقى صامتا. أصلي الصلوات بأكملها في المسجد إلا نادرا، إلا أني أريد رأيكم أخشى قطع صلة الرحم، وكلما زرتهم أتذكر ما حصل، وأعاني، لماذا أصبحت هكذا؟ لماذا أصبحت شخصا سيئا جدا؟ هذا ما قاله لي أخي في المساء، بعد أن ظللت صامتا طوال اليوم، كيف لا تريدني أن أبقى صامتا، وجالسا في مكاني، وابنتك التي تخطت أربع سنوات وبضعة شهور، نعتت أمي بكلمات قذرة، لن أقدر على كتابتها هنا، أو حتى نطقها في نفسي، أتعلم كم قتلني ذاك المشهد الذي لم تحرك فيه ساكنا، وهي تقول وتعيد، أثارت برودة دمك دهشتي، أما الآن فلن أستغرب منك أبدا، ولن أفكر بالعودة أبدا لذلك البيت، فقد جئت لأسترجع ذكرياتي معها فقط، لا أن تجرحوني.
فصمتي، وعدم بكائي أمامكم، لا يعني أني بخير، وإنما أخفي حزني لكيلا أحزن الآخرين، فأنت لم تكن تعاملها مثلنا أبدا، فقد كانت دوما كلماتك قاسية في حقها، أما سر صمتي فهو أني كنت أنتظر الفرصة التي سنجتمع معا أنا وهي فقط تحت سقف واحد، كنت أنتظر، وأحلم بأني سأعيد عيش كل دقيقة من طفولتي التي لم أعشها معها.
دموعي صراخي، وانهياري لم تفهمه لأنك لم تعلم، ولن تعلم مقدار حبي لها، لا أحد يعلم كم أفتقدك، حياتي أصبحت مجرد ألم.
هو وهم عاشوا طفولتهم معك، هو شاهدت زواجه ممن أحب، وحملت بناته في أحضانك، أما أنا فما زالت أدرس، ولم يكتب لنا أن نحقق ولو حلما واحدا معا من تلك الأحلام التي كنا نحلم بها.