السؤال
أحسن الله إليكم. لدي استفسار في مسألة لم أر لها جوابا تفصيليا، رغم بحثي في موقعكم، ومواقع الفتوى الأخرى، وهي بخصوص التبذير. سؤالي هو: لو أن شخصا قام بإنفاق جزء من ماله على إحدى المحرمات، ولكن هذا المحرم من ضمن الصغائر، فهل إنفاقه للمال، يعتبر من الكبائر باعتبار أنه تبذير؟ أم إن إنفاقه للمال يعتبر من الصغائر، باعتبار أن المحرم الذي ارتكبه يعتبر من الصغائر؟ جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد عد ابن حجر الهيتمي ذلك من الكبائر في كتابه (الزواجر عن اقتراف الكبائر) فقال: الكبيرة التاسعة بعد المائتين: إنفاق مال ولو فلسا في محرم ولو صغيرة. وعدي لهذه من الكبائر لم أره، لكنه هو الذي يدل عليه كلامهم، فإنهم عدوا ذلك سفها وتبذيرا موجبا للحجر، وصرحوا مع ذلك بأن السفيه المحجور عليه، لا تصح شهادته، ولا يلي نحو نكاح ابنته، ومنع الشهادة مع نحو الولاية ينبئ عن الفسق، ومن لازم كون ذلك فسقا أنه كبيرة، فظهر ما ذكرته، ويوجه من حيث المعنى بأنه لا أعز عند النفس من المال، فإذا هان عليها صرفه في معصية دل على الانهماك التام في محبة المعاصي، ولا شك أن هذا الانهماك ينشأ عنه مفاسد عظيمة جدا، فاتجه أن ذلك كبيرة من حيث المعنى أيضا. اهـ.
ولما عد الإسراج على القبور من الكبائر؛ لحديث ابن عباس: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد، والسرج.
قال: كلام أصحابنا مصرح بكراهتها دون حرمتها، فضلا عن كونها كبيرة، فليحمل كون هذه كبائر على ما إذا عظمت مفاسدها ... كأن يسرف في الإيقاد عليها؛ لأنه من التبذير والإسراف، وإنفاق المال في المحرمات، فحينئذ يتضح عد هذه كبائر. نعم، صرح أصحابنا بحرمة السراج على القبر وإن قل، حيث لم ينتفع به مقيم، ولا زائر، وعللوه بالإسراف، وإضاعة المال، والتشبه بالمجوس، فلا يبعد في هذا حينئذ أن يكون كبيرة. اهـ.
والله أعلم.