السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أنا تائب من معاص كبيرة، وأريد أن أقابل الله تائبا وسمعت عن تبديل السيئات إلى حسنات، وإن كان تفسيرها تبديلها في الدنيا ومعاقبتي على المعاصي في الآخرة بعد الدخول إلى النار ثم تبديلها -اللهم لا اعتراض- أشعر أنها عقوبة كبيرة، وهل يكون ذلك العقاب مهما استكثرت من حسناتي في الدنيا؟ علما بأن ذنوبي كثيرة، ولم أترك ذنبا إلا عملته، فوالله قلبي يكاد ينخلع من مكانه من خوفي من الله سبحانه وتعالى، ولك تحياتي وجزيت خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم - وفقنا الله وإياك لطاعته والتوبة الصادقة - أن الله تعالى واسع المغفرة. قال تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم[الزمر:53].
وروى الإمام مسلم وابن ماجه والدرامي وأحمد من حديث أبي ذر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما يحكيه عن ربه تبارك وتعالى- قال: ...ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئا، لقيته بمثلها مغفرة. وفي رواية للترمذي : يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي. يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي. يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة.
والله تعالى يبدل سيئات المسيئين حسنات إذا تابوا وأخلصوا في توبتهم لله تعالى، وعملوا الأعمال الصالحة. قال تعالى: والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما[الفرقان:68- 70].
ثم إن ما ذكرته من التفسير للآية ليس صحيحا، إذ الخبر فيها على ظاهره، ولم يرد في تفسير ما أن التائبين يعذبون في النار بعد تبديل سيئاتهم حسنات في الدنيا.
والحاصل: أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، فعليك بالتوبة والإكثار من الأعمال الصالحة. وانظر شروط قبول التوبة في الفتوى رقم: 5548.
والله أعلم.