السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنني سمعت أن العصاة المصرين على الكبائر يوم القيامة هم ثلاثة أقسام: منهم من لا يدخل النار لكثرة حسناته، ومنهم أهل الأعراف، ومنهم يدخلون النار لكثرة سيئاتهم فهل هذا صحيح؟ وهل ينال المصر كثير الحسنات عذابا في القبر؟ وهل التائب من الكبائر ولو كثرت وفحشت ولم ينل حدا في الدنيا ولكنه عاد لله وأكثر من حسناته هل عليه عذاب في القبر أو دخول النار يوم القيامة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن خلاصة مذهب أهل السنة والجماعة في أهل الكبائر هو أن من تاب منها تاب الله عليه، ولم يؤاخذ بها، لأن التوبة تجب ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له. وراجع لهذا المعنى تفسير ابن كثير عند قوله تعالى من سورة مريم: إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا[مريم:60]. وقال الله تعالى بعد أن ذكر كبائر الذنوب من شرك وقتل للنفس المحرمة وزنا وما يستحقه فاعلوها إن لم يتوبوا، قال: ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا[الفرقان:71]. والآيات قبلها.
والأدلة على هذا المعنى من الكتاب والسنة لا تكاد تحصى، وراجع الفتويين التاليتين: 33782، 34166.
هذا في حق التائب من الذنب، أنه لا يؤاخذ به، وكذلك من أقيم عليه الحد بسببه، وإن لم يتب منه ولم يقم عليه الحد- إن كان الذنب مما فيه حد- ومات مصرا عليه فهو تحت المشيئة إن شاء الله عاقبه وإن شاء عفا عنه، ما لم ترجح حسناته على سيئاته، فإن رجحت حسناته لم يدخل النار أصلا.
روى الأئمة مالك وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث بيعة الرجال: فمن وفى بذلك منكم فأجره على الله. ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له. ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه، فهو إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.
أما غير التائب ممن رجحت سيئاته على حسناته، فقد قدمنا أنه تحت المشيئة، وإن دخل النار لا يخلد فيها، لأن التوحيد، يخرجه من النار إما بشفاعة، وإما بغير شفاعة. ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أهل الأعراف، ثم يدخل الجنة بعد ذلك.
والله أعلم.