الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففي البداية: نسأل الله تعالى أن يشفيك مما تعانيه, وأن يفرج كربك, وأن يزيل همك وغمك, وأن يوفقك لكل خير, ثم إنا ننصحك بالإعراض عما تجده من وساوس في شأن الطهارة, والصلاة, وغيرهما, كما ننصحك بالإكثار من الدعاء, والالتجاء إلى الله تعالى، والتضرع إليه, والاستعاذة به تعالى من كيد الشيطان الرجيم, فإنه لا يألو جهدا في الوسوسة, وإدخال الحزن والحرج إلى قلب المسلم, واجتهد في علاج الوساوس ما أمكن ذلك, وانظر لبيان كيفية علاج الوسوسة الفتوى رقم: 3086, والفتوى رقم: 51601.
ومن جهة أخرى: ننصحك أيضا بالجد في التعلم, وبذل الجهد في الدراسة, والحرص على ما ينفعك, فإن هذا مطلوب شرعا, ويترتب عليه إرضاء أمك, وابتعد عن الكسل والإهمال, ففي صحيح مسلم وغيره، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز.
وبخصوص التورية، فهي: مباحة لمصلحة شرعية راجحة, قال النووي في كتاب الأذكار: قال العلماء: فإن دعت إلى ذلك مصلحة شرعية راجحة على خداع المخاطب، أو دعت إليه حاجة لا مندوحة عنها إلا بالكذب، فلا بأس بالتعريض، فإن لم تدع إليه مصلحة ولا حاجة، فهو مكروه، وليس بحرام، فإن توصل به إلى أخذ باطل أو دفع حق، فيصير حينئذ حراما، وهذا ضابط الباب. انتهى.
وبناء على ذلك؛ فإذا كان إخبار أمك بحقيقة دراستك, سينشأ عنه غضبها, وإساءة الظن بالتدين, وأهل العلم, فيباح لك اللجوء للتورية ما أمكن, كما يمكن التهرب من الجواب بوسيلة ما, ولا تعتبر عاقا, فلا شك في أهمية طاعة الوالدين، وأن ذلك من مقتضى برهما، والإحسان إليهما، ولكن قد ذكر أهل العلم أن لهذا قيودا، وهو أن الطاعة تجب فيما فيه مصلحة للوالدين، ولا ضررعلى الولد، ولا شك أنه من الضرر التسبب لأمك في إساءة الظن بالتدين, وأهل العلم، وقد يجرها ذلك إلى الوقوع فيما هو أخطر من هذا.
فينبغي نصحها برفق, مع بيان أهمية الالتزام بأوامر الله تعالى, والابتداع عن نواهيه, وأن ذلك هو سبب كل خير, وراجع الفتوى رقم: 76303.
والله أعلم.