السؤال
أنا شاب أبلغ من العمر 31 سنة، مشكلتي أني لست صديقا لأبي، ولا أستطيع التقرب إليه، وعلاقتي أنا وإخوتي معه علاقة سطحية، والسبب الرئيس لهذا هو سوء معاملته لنا عندما كنا صغارا من صراخ، وضرب يومي، أو شبه يومي.
ثانيا: سوء معاملته لأمي، فهو استغل ضعفها؛ لأنها تربت عند خالها وزوجته، بعد أن أعطت أم أمي وزوجها أمي إلى خالها بالتبني؛ مما أشعرها بفقد سند الوالدين الحقيقيين؛ فتشاجرا كثيرا، واتهمها في عرضها، ولا ينفق عليها، ولا يشتري لها لباسا، وصبرت أمي، وضحت لكيلا تطلق، ونضيع نحن، والحمد لله أوصلتنا إلى أعلى المراتب، واليوم أصبحنا نحاول أن نكرمها، وأي مستحقات تستحقها من علاج، ودواء، وأكل، ونقود نقوم بإعطائها، وأبي ما زال لا ينفق عليها، ولا يحسن معاملتها إلى هذه اللحظة، علما أنهما متزوجان منذ 33 سنة، وهي ستكمل تضحيتها معه لأجل أخي الصغير البالغ من العمر 15 سنة، والمريض بالتوحد.
عندما أجد أبي يتعارك مع أمي أتدخل، فينفعل هو، وأنفعل أنا، وتصبح يداي ترتعشان من الغضب، ولم أستطع أن أصبح صديقا له، أنا لا أبره، ولا أعقه، ولا أعلم ماذا أفعل؟ أرشدوني -بارك الله فيكم-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك بر والديك، ولا يجوز لك أن تسيء إلى أبيك، مهما أساء إليك، أو أساء إلى أمك، فحق الوالد على ولده عظيم، وانظر الفتوى رقم: 114460.
وليس من شرط البر بوالدك أن تكون صديقا له، ولكن يكفي أن تقوم بحقه، وتطيعه في المعروف، وتكلمه بالرفق، والأدب، قال ابن مفلح -رحمه الله- في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب: ومن حقوقهما: خدمتهما إذا احتاجا، أو أحدهما إلى خدمة، وإجابة دعوتهما، وامتثال أمرهما، ما لم يكن معصية على ما مر، والتكلم معهما باللين. اهـ.
فإذا كان والدك يسيء معاملة أمك، فانصحه بأدب ورفق، أو وسط من الأقارب، أو غيرهم من الصالحين من ينصحه في ذلك.
واحذر أن يجرك الغضب إلى الإساءة إليه بقول، أو فعل، وجاهد نفسك، واصبر، واستعن بالله.
واعلم أن بر الوالد، والإحسان إليه، من أفضل الأعمال، وأحبها إلى الله، ففي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد. وعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت، فأضع هذا الباب، أو احفظه. رواه ابن ماجه، والترمذي.
قال المباركفوري -رحمه الله- في تحفة الأحوذي: قال القاضي: أي: خير الأبواب وأعلاها، والمعنى: أن أحسن ما يتوسل به إلى دخول الجنة، ويتوسل به إلى وصول درجتها العالية، مطاوعة الوالد، ومراعاة جانبه. اهـ.
والله أعلم.