هل من العقوق عدم طاعة الوالدين في قتل النمل؟

0 73

السؤال

في بيتنا نمل كثير يؤذينا؛ لأنه يفسد أغلب طعامنا وما إلى ذلك، فتأمرني أمي بأن أقتل كل نملة أجدها؛ لكي لا تقوم بعمل عش في البيت، وتزيد أذيتها -بالرغم من وجود بعض النمل خارج البيت، والذي نظن أنه يمكن أن يدخل دون التأكد، وهناك بعض النمل الذي يأتي فيأكل فتات الطعام المتبقي من طعامنا- ولكني لا أستطيع أن أقتل الحشرات خاصة النمل، لا أحب فعل ذلك. فهل إن لم أقتلها يعد هذا عقوقا؟
وأود أن أعرف من حضراتكم حكم قتله في كل حالة ذكرتها.
شكرا جزيلا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ورد النهي عن قتل النمل، فاختلف أهل العلم في هذا النهي: هل المقصود به نوع معين من النمل؟ وهل النهي للكراهة أم للتحريم؟

وهذا في حال عدم الإيذاء، وأما إن كان مؤذيا، فنص عامة الفقهاء على مشروعية قتله، على تفصيل عندهم في ذلك.

جاء في الموسوعة الفقهية: استثنى الفقهاء النمل في حالة الأذية، فإنه حينئذ يجوز قتله. اهـ.
وعلى ذلك، فالنمل الذي هو محل السؤال لا يحرم قتله؛ لكونه مؤذيا في المال (الطعام) وقد نصوا على عدم الفرق في ذلك بين أن تكون الإذاية في البدن أو المال.
هذا مع مراعاة أن النمل الذي يكثر في البيوت ليس مرادا بالنهي أصلا عند بعض أهل العلم.

قال الرملي في نهاية المحتاج: ويحرم قتل النمل السليماني ... أما غير السليماني وهو الصغير المسمى بالذر، فيجوز قتله بغير الإحراق كما في المهمات عن البغوي والخطابي. وكذا بالإحراق إن تعين طريقا لدفعه. اهـ.
وقال الشبراملسي في حاشيته: (قوله: فيجوز قتله) بل يندب لكونه من المؤذيات. اهـ.
وقال البجيرمي في حاشيته: حمل على النمل السليماني وهو الكبير؛ لانتفاء أذاه، بخلاف الصغير فيحل قتله لكونه مؤذيا، بل وحرقه إن تعين طريقا لدفعه. اهـ.

وقال الكاساني في بدائع الصنائع: ولا بأس بقتل البرغوث والبعوض والنملة ... لأن هذه الأشياء من المؤذيات المبتدئة بالأذى غالبا، فالتحقت بالمؤذيات المنصوص عليها من الحية والعقرب وغيرهما. اهـ.

وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية: يكره قتل النمل إلا من أذية شديدة، فإنه يجوز قتلهن ... وقال في الرعاية: يكره قتل ما لا يضر من نمل ونحل. اهـ.
والمقصود أن النمل المسؤول عنه، يجوز قتله ما دام مؤذيا؛ لأنه يفسد أغلب طعامكم، كما جاء في السؤال. وبالتالي، فأمر الوالدة بقتله ليس من باب العبث، وإنما لدفع ضرره. فيلزمك طاعتها ما دمت تقدرين على ذلك، ولا يلحقك به مشقة زائدة، والطاعة حيث وجبت، فلم توجد، كان ذلك عقوقا. ويمكن مراجعة ضابط طاعة الوالدين في الفتوى رقم: 37648 وما أحيل عليه فيها، والفتوى رقم: 139019.
وهنا نلفت نظر الأخت السائلة إلى أن أكثر العلماء على وجوب طاعة الوالدين في الشبهات، وراجعي في تفصيل ذلك، الفتوى رقم: 76303.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة